تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم الصنف السابع: في سبيل الله، وسبيل الله هنا المراد بها الجهاد في سبيل الله لا غير، ولا يصح أن يراد بها جميع سبل الخير، لأنه لو كان المراد بها جميع سبل الخير لم يكن للحصر فائدة في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) الآية. إذ يكون الحصر عديم التأثير، فالمراد بسبيل الله هو الجهاد في سبيل الله، فيعطى المقاتلون في سبيل الله الذين يظهر من حالهم أنهم يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، يعطون من الزكاة ما يحتاجون إليه من النفقات والأسلحة وغير ذلك. ويجوز أن تشترى الأسلحة لهم من الزكاة ليقاتلوا بها، ولكن لابد أن يكون القتال في سبيل الله.

والقتال في سبيل الله بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بميزان عدل من قسط حين سئل عن الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" (144)، فالرجل المقاتل حمية لوطنه أو قوميته أو غير ذلك من أنواع الحميات ليس يقاتل في سبيل الله، فلا يستحق ما يستحقه المقاتل في سبيل الله، لا من الأمور المادية الدنيوية ولا من أمور الآخرة، والرجل الذي يقاتل شجاعة أي أنه يحب القتال لكونه شجاعاً، والمتصف بصفة غالباً يحب أن يقوم بها على أي حال كانت، هو أيضاً ليس يقاتل في سبيل الله، والمقاتل ليرى مكانه، يقاتل رياء وسمعة، ليس من المقاتلين في سبيل الله، وكل من لا يقاتل في سبيل الله فإنه لا يستحق من الزكاة، لأن الله تعالى يقول: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ).

والذي يقاتل في سبيل الله هو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، قال أهل العلم: ومن سبيل الله: الرجل يتفرغ لطلب العلم الشرعي، فيعطى من الزكاة ما يحتاج إليه من نفقة، من كسوة وطعام وشراب ومسكن وكتب علم يحتاجها، لأن العلم الشرعي نوع من الجهاد في سبيل الله، بل قال الإمام أحمد رحمه الله: " العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته". فالعلم هو أصل الشرع كله، ولا شرع إلا بعلم، والله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب ليقوم الناس بالقسط ويتعلموا أحكام شريعته وما يلزم من عقيدة وقول وفعل، أما الجهاد في سبيل الله فنعم، هو من أشرف الأعمال، بل هو ذروة سنام الإسلام، ولا شك في فضله، لكن العلم له شأن كبير في الإسلام، فدخوله في الجهاد في سبيل الله دخول واضح لا إشكال فيه، فإذا جاءنا رجل أهل للعلم، وقال: أنا إن ذهبت اكتسب لنفسي وأهلي لم أتمكن من طلب العلم، وإن تفرغت لطلب العلم فإنني أحصل فيه، ولكن لا أجد ما يدفع حاجتي، فإننا نقول له: تفرغ لطلب العلم ونعطيه ما يدفع به حاجته من الزكاة.

أما الشيخ ابن باز رحمه الله فلم يدخل شيئا سوى القتال، فقال:

المعروف عند العلماء كافة، وهو رأي الجمهور والأكثرين، وهو كالإجماع من علماء السلف الصالح الأولين أن الزكاة لا تصرف في عمارة المساجد وشراء الكتب ونحو ذلك، وإنما تصرف في الأصناف الثمانية الذين ورد ذكرهم في الآية في سورة التوبة وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل.

وفي سبيل الله تختص بالجهاد. هذا هو المعروف عند أهل العلم وليس من ذلك صرفه في تعمير المساجد، ولا في تعمير المدارس، ولا الطرق ولا نحو ذلك

و قال أيضا:

الصحيح أن المراد بقوله سبحانه (وَفِي سَبِيلِ اللّهِ) عند أهل العلم هم الغزاة والجهاد في سبيل الله، فلا تصرف في المساجد ولا المدارس عند جمهور أهل العلم. وذهب بعض المتأخرين إلى جواز صرفها في المشاريع الخيرية، ولكنه قول مرجوح؛ لأنه يخالف ما دلت عليه الأدلة، ويخالف ما مضى عليه أهل العلم.

و سئل رحمه الله السؤال التالي:

تقيم بعض المؤسسات الإسلامية الموثوقة دورات شرعية في أوربا في مناطق هم بأمس الحاجة إلى تثقيفهم وتعليمهم العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة، وتطلب تلك المؤسسات دعم هذه البرامج الدعوية، فهل يدخل هذا الدعم في قول الله تعالى (وَفِي سَبِيلِ اللّهِ)؟

الجواب: لا تدخل الدورات المذكورة وأشباهها في قوله تعالى: ?وَفِي سَبِيلِ اللّهِ? في أصناف أهل الزكاة؛ لأن المراد بذلك المجاهدون في سبيل الله، لكن من كان من المعلمين أو من المتعلمين فقيراً فيعطى من الزكاة لفقره؛ لقوله سبحانه (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ) الآية

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير