ومن نسي النجاسة ثم صلى أو لم يعلم بها إلا بعد أن انتهى من الصلاة فلا إعادة عليه، بخلاف مَن يذكر أنه صلى بغير وضوء فإنه يُعيد.
وإزالة النجاسة من الثوب والبدن والبقعة التي يُصلّي بها شرط لصحة الصلاة.
وسيأتي – إن شاء الله – فصل في إزالة النجاسة.
قال الشيخ رحمه الله:
فلا صلاة له.
الشرح:
وهذا على التفصيل المتقدّم فيما يتعلق بإزالة الخَبَث ورفع الحدث.
فمن صلى وعليه حدث أصغر أو أكبر فلا صلاة له ويجب عليه أن يرفع الحدث ثم يُصلي، وهذا في حق من لا عُذر له.
وأما النجاسة فعلى التفصيل السابق.
وإذا ورد في الأحاديث أو في كلام الفقهاء فلا صلاة له فيُحمل على أمرين:
الأول: لا صلاة له صحيحة.
والثاني: لا صلاة له تامة.
والمقصود هنا النوع الأول.
قال الشيخ رحمه الله:
والطهارة نوعان:
الشرح:
ذكر النوع الأول، والنوع الثاني هو البدل، وهو التراب، وسيأتي شرح ما يتعلق بالتيمم مستوفى – إن شاء الله – في شرح العمدة.
قال الشيخ رحمه الله:
أحدهما: الطهارة بالماء , وهي الأصل.
الشرح:
الماء هو الأصل، ولذا فإن الله عز وجل امتنّ به على عباده فقال: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا)
قال الشيخ رحمه الله:
فكل ماء نزل من السماء , أو نبع من الأرض: فهو طهور يُطهر من الأحداث والأخباث.
الشرح:
هذا هو الماء الباقي على طهوريته، وهو الباقي على أصل خلقته.
والماء - على الصحيح – ينقسم إلى قسمين:
الأول: طهور بنفسه مُطهّر لغيره.
والثاني: نجس بنفسه لا يُطهر غيره، ولا يجوز استعماله، إلا إذا استحال إلى عين أخرى، كمياه المجاري إذا عُولجت وذهبت منها روائح النجاسة ولونها وطعمها.
وبعض الفقهاء يذكر قسما ثالثاً، وهو الطاهر، وهو ما اختلط بغيره
والصحيح أنه إما أن يأخذ وصف الماء واسمه فيبقى ماء طهورا
وإما أن يأخذ وصف ما اختلط به فلا يكون حينئذ ماء، بل يُطلق عليه ما غلب عليه، كماء الورد أو الشاهي والقهوة ونحوها.
فالماء النازل من السماء طهور
والنابع من الأرض طهور
قال الشيخ رحمه الله:
ولو تغير طعمه: أو لونه أو ريحه , بشيء طاهر
الشرح:
كأن يتغيّر – مثلاً – بالطين أو بأوراق الأشجار، فهذا تغيّر طعمه أو لونه أو ريحه بشيء طاهر فهو باق على طهوريته، ويجوز استعماله في الوضوء والشرب.
قال الشيخ رحمه الله:
كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن الماء طهور لا ينجسه شيء " رواه أهل السنن (وهو صحيح)
الشرح:
والمقصود بـ " أهل السنن " الأربعة: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
فالماء الطهور الذي لا يُنجّسه شيء هو ما بلغ القلّتين فأكثر لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخَبَث. رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
قال الترمذي بعد أن روى الحديث: قال عبدة: قال محمد بن إسحاق: القُلّة هي الجرار، والقُلة التي يستقى فيها.
وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يُطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماء طهور لا ينجسه شيء. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.
قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيّم بئر بضاعة عن عمقها. قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص. قال: دون العورة.
قال أبو داود: وقدّرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون.
ومثله الماء الذي يكون في الصحراء ولا يضرّه أن تَرِدَه السباع.
فلا يُحكم بنجاسته إلا أن يتغير أحد أوصافه بنجاسة
لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان
ولأن اليقين لا يزول بالشك.
والأصل أن هذا الماء الذي نزل من السماء باقٍ على أصل طهوريته
وماء الآبار كذلك، فلا يزول هذا اليقين بمجرّد الشك، بل لا يزول إلا بيقين مماثل.
وماء البحار والأنهار كذلك لا يُنجّسه شيء إلا أن تتغيّر أحد أوصافه بنجس.
قال الشيخ رحمه الله:
¥