تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفتاة , علماً بأنني متزوج حاليّاً، وزوجتي ستنجب في الشهر المقبل - إن شاء الله -، فأرجو منكم إفادتي بما يتوجب عليَّ فعله، كما أتمنى أن تفيدوني كيف لي أن أرجع حقي منهم، ولكم كل تحية وتقدير.

أولاً:

الزنا من - الرجل والمرأة - من المحرمات القطعية في دين الله تعالى، قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) الإسراء/32، وهذا نهي عن قربانه فكيف يكون حكم مقارفته وفعله؟!.

وحد الزاني المحصن – وهو من سبق له الدخول بعقد شرعي – الرجم حتى الموت، وحد الزاني البكر: جلد مئة، ويعزر بالتغريب – أو السجن – عاماً كاملاً.

وليس الزنا محرَّما في الإسلام فقط، بل هو حرام في كل دين وشرع، ولا يخالف في ذلك صاحب فطرة سليمة ولا عقل راجح.

قال القرطبي:

وقد أجمع أهل الملل على تحريمه، فلم يحل في ملة قط، ولذا كان حده أشد الحدود؛ لأنه جناية على الأعراض والأنساب، وهو من جملة الكليات الخمس، وهي حفظ النفس والدين والنسب والعقل والمال.

" تفسير القرطبي " (24/ 20، 21).

ثانياً:

لا يجوز لأحدٍ أن يدَّعي على غيره اقتراف هذه الجريمة إلا ببينة، والبينة هي أن يرى الزنا أربعةُ شهود، ويرون الفعل كاملاً بإدخال فرج الرجل في فرج المرأة، وهذا لم يثبت في تاريخ الإسلام لصعوبة تحققه، ويثبت الزنا بإقرار الزاني، ويثبت – كذلك - إذا رفضت المرأة ملاعنة زوجها الذي اتهمها بالزنا.

وللزوج في اتهام زوجته بالزنا حكم خاص، وهو الملاعنة – وينظر تفصيله في جواب السؤال رقم: (33615) - فإن قذفها بالزنى ولم يلاعنها: جُلد حد القذف، وهو ثمانون جلدة، ولا يجوز للزوج اتهام زوجته بالزنا لكونها خرجت مع أجنبي، أو رأى لهما صورة معاً، أو ما يشبه هذه الأحوال، إلا أن يرى ذلك بنفسه فيتيقن، أو يغلب على ظنه بقرائن قوية، وفعلها الذي وصفه زوجها لا شك أنه من عظائم الذنوب، وهي تستحق عليه الوعيد الشديد، لكن لا يجوز إثبات الزنا عليها بمثل هذه الأفعال.

قال ابن قدامة - رحمه الله -:

إذا قذف زوجته المحصنة: وجب عليه الحد , وحُكم بفسقه , وردِّ شهادته , إلا أن يأتي ببيِّنة أو يلاعن , فإن لم يأت بأربعة شهداء , أو امتنع من اللعان: لزمه ذلك كله، وبهذا قال مالك، والشافعي ... .

ولنا: قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، وهذا عام في الزوج وغيره , وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة عنه.

وأيضا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (البيِّنة وإِلاَّ حدٌّ في ظَهْركِ)، وقوله لما لاعن:

(عَذابُ الدنْيا أَهْونُ مِنْ عَذابِ الآخِرَة)؛ ولأنه قاذف يلزمه الحد لو أكذب نفسه , فلزمه إذا لم يأت بالبينة المشروعة، كالأجنبي.

" المغني " (9/ 30).

ثالثاً:

إذا ثبت الزنا باعترافها فإنه لا ينفسخ النكاح، ولا يسقط مهرها.

قال ابن مفلح:

فائدة:

إذا زنت امرأة رجل أو زنى زوجها، قبل الدخول أو بعده،لم ينفسخ النكاح في قول عامتهم.

" المبدع " (7/ 70).

وقال ابن قدامة في:

وإن زنت امرأة رجل، أو زنى زوجها: لم يفسخ النكاح سواء كان قبل الدخول أو بعده.

" المغني " (7/ 108).

وقال الشنقيطي – رحمه الله -:

اعلم أن من تزوج امرأة يظنها عفيفة، ثم زنت، وهي في عصمته: أن أظهر القولين: أن نكاحها لا يُفسخ، ولا يحرم عليه الدوام على نكاحها، وقد قال بهذا بعض من منع نكاح الزانية، مفرقاً بين الدوام على نكاحها، وبين ابتدائه.

واستدل من قال هذا بحديث عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه، أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: «استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة؛ فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير