وليس كما يزعم مروِّجو الموالد أن الذي أحدثها الأمير بهاء الدين كوكبري أمير إربل، إذ أن هذا الأمير متأخر عن ابن الملا، حيث توفي الملا سنة (570هـ) وتوفي الملك أو الأمير كوكبري سنة (630هـ)، فهذه البدعة بعيدة النسب عن أهل السنة والإتباع، فمنبتها باطني وفروعها صوفية، وأما جهلة الأمراء وما يفعلون فليسوا بحجة على أحد.
حقيقة المولد:
عرفنا أن المولد نبتة غريبة عن الإسلام ومنهجه المصفَّى، وبدعة من البدع الباطنية العبيدية وعنهم مبتدعة الصوفية، ولا صلة لها بالسلف الصالح المأمور بإتباعهم والإقتداء بهم.
لكن بقي أن نعرف حقيقة المولد ما هو؟ وماذا فيه من تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وربط لأمته به وبشمائله الكريمة وسننه العظيمة وأخلاقه السامية الرفيعة؟.
لنعلم بعد ذلك أيريد المروِّجون للمولد حقاً تذكير الأمة بعظمة نبيها وحثهم على الإقتداء به فيه، أم غير ذلك؟ ولنأخذ على ذلك مثلاً مولد {الديبعي} الذي يعظِّمه القوم ويرونه أفضل أومن أفضل الموالد، حتى كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيباً للناس في العناية به.
حيث جاء في بعض كتبهم، هذه العبارة: (فقيل لسيدي أحمد بن حسن العطاس، هل قيل في المولد المنسوب إلى المحدث الديبعي أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر قراءته من أوله إلى آخره؟ قال: نعم، والحبيب صالح بن عبدالله العطاس يقول: يحضر النبي صلى الله عليه وسلم في كل مولد عند المقام فيه إلا مولد الديبعي فإنه يحضره كله) [8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_edn8)؛ إذن فما هذا ا لمولد العظيم الذي بلغ من الاهتمام به أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضره كله على حد زعمهم؟ ..
الجواب: إن هذا المولد يحتوي على طوام وعظائم تبعد الناس عن نهج النبي صلى الله عليه وسلم لا تقربهم إليه ومنها:
1 - الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2 - كثرة القصص والأحاديث الموضوعة.
3 - إنشاء قصائد ركيكة الألفاظ والمعاني اشتملت على:
4 - توسلات بدعية في كثير منها.
5 - استغاثات بالنبي صلى الله عليه وسلم مثل ما في قصيدة علي بن حسن العطاس والتي مطلعها:
يا رسول لله ياعمدتنا ياأمام الأنبياء الأمنا
وفيه يقول:
فتداركني ونفِّس كربتي وافتقد حالي افتقاداً حسناً
وكذلك استغاثات بآل با علوي مثل القصيدة التي من (ص 86،87) وفيها يقول:
تطلب السقاف غارة ذاك دي بحره ملي
وابنه المحضار يحضر والمهدّر بو علي
وان ذكرت العيدروس كل كربة تنجلي
غارة يا عيدروس في عجل لا تمهلي
....
يا آل باعلوي كلكم ساعدوني يا هلي
إلى آخرها.
4 - سوء أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث يشبه النبي صلى الله عليه وسلم بعنبري العرف وردي الخدود، وبغزال الرقمتين وغير ذلك، وهذا كلام غاية في الإسفاف والتطاول على مقام وجلال النبي صلى الله عليه وسلم.
5 - سوء الأدب داخل بيوت الله عز وجل:
فالمسجد قد قرَّر العلماء أن مجرد رفع الصوت فيه مكروه على أقل الأحوال،فكيف برفعه مع الطبول والشبابات، وبكلام يثير الشهوات، ويحرِّك الغرائز، مثل تلك القصيدة التي مطلعها:
على العقيق اجتمعنا نحنا وسود العيون
ما ظن مجنون ليلى قد جن مثل جنوني
فيا عيوني عيوني ويا جفوني جفوني
ويا قليبي تصبَّر على الذي فارقوني
إلى آخرها.
6 - الشطط والتبجح المتجاوز للحد الشرعي:
احتوى ذلك المجموع على قصيدتين بلغ من شطح الصوفية فيهما من التبجح ما لا يجوز ذكره، بل فيهما نسبة أوصاف إلى قائِلَي تلك القصيدتين لا تليق إلا بالله عز وجل، و إنشاد مثل هاتين القصيدتين إنما هو تعميق لعقيدة الصوفية في الأقطاب وتصرفهم في الكون:
وتلك القصيدتان إحداهما ينسبونها للشيخ عبدالقادر الجيلاني ولا أظنها تثبت عنه (ص90) مطلعها:
كل قطبٍ يطوفُ بالبيت سبعاً وأنا البيتُ طائف بخيامي
إلى أن قال:
أنا في سجدتي أرى العرش حقاً وجميعَ الأملاكِ فيه قيامي
سائرُ الدنيا كلُّها تحت حكمي و هي في قبضتي كفرْخِ الحمام
والأخرى تنسب للشيخ أبي بكر بن سالم العلوي صاحب عينات، مطلعها (ص91):
صَفت لي حُميَّا خَلِّي و اُسقيتُ من صافيها
وفيها: أنا أعزِلُ أنا إلي وَلّي وأنا شيخها قاضيها
أنا حتفٌ لأهل العذلِ ونارُ الجحيمِ أُطفيها
وفيها: أنا عرشُها والكرسي وأنا للسماء بانيها
وهي طويلة من هذا النمط.
¥