تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

دعوة التقريب بين الأديان: دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية)) 2/ 748 وما بعدها. الثاني: لو كان الدعاء بالتعميم طعناً في الحكمة الإلهية لنزَّه الله تعالى أنبياءه ورسله من الوقوع فيه، فنوحٌ عليه السلام وهو من أولي العزم كيف يطعن في الحكمة الإلهية بالدعاء على الكفار، وغيره يوفق للسلامة؟ .. سبحانك هذا بهتان عظيم. وما كان طعناً في الحكمة الإلهية الآن فهو طعن في الحكمة الإلهية زمن نوح، إذْ لا تختلف الشرائع في ذلك. الثالث: احتج القرافي في ((الفروق)) 4/ 281 على أنه لا يجوز الدعاء بـ ((اللهم اغفر للمسلمين جميع ذنوبهم)) بأن الأحاديث جاءت بدخول طائفة من المسلمين النار بذنوبهم، ففي الدعاء تكذيب لتلك الأحاديث ... إلخ. فجاء ابن المشاط في كتابه ((إدرار الشروق على أنوار الفروق)) 4/ 283 بردِّ كلام القرافي هنا ردَّاً مبيناً مستقيماً، حيث قال بعد إيراد جميع كلام القرافي: قلت: لقد كلَّف هذا الإنسان نفسه شططاً، وادَّعى دواعي لا دليل عليها ولا حاجة إليها وهماً منه وغلطاً، وما المانع من أن يكلف الله تعالى خلقه أن يطلبوا منه المغفرة لذنوب كل واحد من المؤمنين مع أنه قد قضى بأن منهم من لا يغفر له؟! ومن أين تَلزَمُ المنافاة بين طلب المغفرة ووجوب نقيضها؟؟ هذا أمر لا أعرف له وجهاً إلا مجرد التحكُّم بمحض التوهم .. اهـ.

قلت: رحم الله ابن المشاط، لقد أصاب وأجاد في ردِّ الخلط بين الأمر الشرعي والأمر الكوني، بما هو معروف عند أهل السنة والجماعة. فالأمر الكوني لا يُؤخذ منه حكمٌ، فضلاً عن كونه يعارض به الأمر الشرعي ويقضي عليه. ومما يرد كلام القرافي صراحةً قوله تعالى: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) [محمد: 19] أي: ولذنوب المؤمنين والمؤمنات. وحديث: ((اللهم اغفر لي ذنبي كله، دِقَّه وجُلَّه، سرَّه وعلانيته، أولَه وآخره))، فلو كان كلام القرافي حقاً لما جاز لجميع المؤمنين والمؤمنات أن يدعو بهذا الدعاء، بل بعضهم، وهذا باطل. وقول القائل: إن الدعاء على الكفار بإهلاك أموالهم بالتعميم فيه معارضة لآثار أسماء الله. غير صحيحٍ لأمور: الأول: إنَّ آثار أسماء الله تكون في الخلق والأمر، فالخلق هو الأمر الكوني، والأمر هو الأمر الشرعي. فالرازق اسم من أسماء الله يتعلق أثره بالخلق فيرزق جميع خلقه، كما يتعلق أثره بالأمر في نحو قوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب) [الطلاق: 2 - 3]. فالخلط بين الآثار المترتبة على الأمر الكوني والأمر الشرعي خطأٌ بيِّن، وقد تقدَّم إبطال ذلك. قال ابن القيِّم رحمه الله في ((مدارج السالكين)) 1/ 208: وأنت إذا فرضتَ الحيوان بجملته معدوماً، فمن يرزق الرازقُ سبحانه؟. وإذا فرضتَ المعصية والخطيئة منتفية عن العالم، فلمن يَغْفِر؟ وعمَّن يعفو؟ وعلى من يتوب ويحلم؟. وإذا فرضتَ الفاقات سُدَّتْ، والعبيد أغنياء معافون، فأين السؤال والتضرع والابتهال، والإجابة، وشهود الفضل والمِنَّة، والتخصيص بالإنعام والإكرام؟. اهـ. فهذا هو الفهم الصحيح لآثار الأسماء الحسنى، فدعْ عنك ما سواه.

الثاني: أن في ذلك لازماً شنيعاً وهو استجهال من هو من أولي العزم من الرسل. فموسى عليه الصلاة والسلام دعا بقطع أرزاقهم، فهل أنكر بذلك آثار اسم الله تعالى الرزاق؟ ومحمد ? دعا بقطع أرزاقهم، فهل يقال فيه ذلك. سبحانك هذا بهتان عظيم!. الثالث: ما تقدم في دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام. هذا ما تيسر في هذه المسألة على جهة الاختصار. وعليه: فنحن اليوم ندعو على اليهود والنصارى فنقول: ((اللهم احصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تُبقي منهم أحداً، اللهم اشدُد وطأتك عليهم، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف)). وهذا الدعاء هو المناسب لأحوال الأمة الإسلامية مع هؤلاء الأرجاس، وأما الدعاء بهدايتهم في هذه الظروف فلا أراه. والله أعلم.

قاله وكتبه الدكتور/ عبدالسلام بن برجس العبدالكريم

ـ[يوسف الشحي]ــــــــ[04 - 04 - 03, 01:54 م]ـ

شكر الله للأخ الفاضل الظافر

وجعل الله ذلك في موازين حسناتك

ـ[بو الوليد]ــــــــ[04 - 04 - 03, 04:48 م]ـ

أحسن إليك أخانا الظافر على هذا النقل الطيب ..

ـ[عبد العزيز سعود العويد]ــــــــ[05 - 04 - 03, 08:53 ص]ـ

من دعا على بالهلاك على اليهود والنصارى إن قصد جميعهم فهذا اعتداء في الدعاء لأنهم لا بد أن يقاتلهم المسلمون في آخر الزمان، وإن قصد المعتدين منهم جاز ولا يشترط أن يقول: اللهم اهلك المعتدين من اليهود والنصارى، والدليل قوله تعالى: " وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله " وليس كل اليهود ولا كل النصارى قالوا كذلك كما هو معلوم. وأيضا يقول - تعالى -: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم " والناس في الموضع الأول رجل واحد كما أن الناس في الموضع الثاني بعض كفار قريش. والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير