تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قاعدة: (ما فات شيء).]

ـ[المسيطير]ــــــــ[24 - 02 - 10, 09:50 م]ـ

الإخوة الأكارم /

من أشدِّ الكلمات وأقساها وأغلظها على نفس المرء .. هي كلمات التحسر والتألم والندم .. والتي يرسلها الوهم إلى قلب المسلم وعقله .. فيوهمه بأن الأمر فات، وانتهى، وانقضى، ولن يُدرك، وسبقك بها من سبق .. ونحوها من كلمات الأسى والأسف والتحسر والندم.

تأملت في مثل هذه الكلمات .. فوجدتُها رسائل سلبية قاتلة .. تُرسل لنا من (اللاشيء) فنستقبلها، ونستسلم لها .. دون أدنى أدنى أدنى تفكير في العلاج وإعادة النظر.

هذه الكلمات التي يتحدث عن خلافها الكثير من أهل العلم .. من نحو (الهمة، والقمة، وبذل الجهد والوسع، والاجتهاد، ومالايدرك كله لايُترك جله) .. ونحوها من كلمات " تدراك ما فات " ..

هذه الكلمات هي ما أعنيها في هذه القاعدة، والتي أسميتها:

قاعدة: (مافات شيء).

هذه القاعدة تأملتُها في حال كثير من الأفاضل ممن أعرفهم، أو سمعت عنهم، أو قرأت سيرهم .. فوجدتها من أنفع القواعد وأجداها - فيما أحسب - في معالجة النفس، وأطّْرها على المعالي والمكارم والفضائل أطرا .. كما تفيد - أيضا - في تدارك التقصير والقصور واستدراكهما .. وتنفع كذلك في نفض غبار الكسل والخمول والتهاون في أمرِ .. ينفع في الدنيا ثم الآخرة .. أصلحهما الله لنا.

وعليه:

لا تقل لقد فات الأوآن .. بل قل: الآن، الآن، الآن.

مثال:

- قد يُحبَط أحدُنا في عدم حفظه لكتاب الله تعالى، وأن مافات لايمكن استدراكه، ومايقي من العمر مثل مامضى - كما يقال - .. فأقول: لنتأكد أن ذلك من تخذيل الشيطان .. ومَن صدقَ النية وعقدَ العزم .. وفقه الله تعالى إلى ما فيه رضاه .. والدعاء الدعاء .. فإن ضعفت وكسلت؛ فقل لنفسك: (ما فات شيء).

- قد يتأثر أحدُنا في تفوّق أقرانه أو من هم أقل منه سنا .. في طلب العلم .. فيقول: لقد فات الآون .. مضى العمر ولم ننتفع .. وفاتنا الركْبُ وثَني الرُكَب!! .. فأقول: ودّ الشيطان لو ظفر منّا بهذا .. فلنبادر من الآن .. ولنعقد العزم .. ومن سار على الدرب وصل، وفاز بالظفر .. فبادر، وتأكد بأنه (ما فات شيء).

- قد يُخذّلنا الشيطان في حضور دروس أهل العلم .. وأن مَن هم فيها .. من صغار السن، وحضورنا محرج لنا .. فأقول: هذا من تفنن الشيطان في التخذيل .. فلا نلتفت له .. بل نحضر ونحث غيرنا على الحضور .. ولنقل لأنفسنا: (ما فات شيء).

- قد يكون من أمنيات بعضنا إكمال الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) .. فيقنع نفسه بأن الأقران قد سبقوا في تولي المناصب والكراسي .. وقبلهما: فازوا بالنفع والبذل .. فلا تقل لنفسك: لقد فات الآون، بل قل: الآن، الآن .. وبادر وابحث وسجل واجتهد في الإكمال، ولا بد من التعب .. وتأكد أن من حازوا على تلك الدرجات لايفوقونك - غالبا - إلا ببذل شيء من الجهد .. وأنت قادر عليه - بإذن الله -، وبإمكانك أن ترى نفسك يوما ممن يسبق اسمهم حرف (الدال) .. نعم؛ يمكن أن نرى ذلك .. (وما فات شيء).

- قد يفشل أحدنا في اختباراته الدراسية؛ وأن درجات اختبارات الفصل الأول لاتساعد في الفصل الثاني .. أو أن المعدل التراكمي لايمكن رفعه أو تدراكه .. لاتُلقِ لذلك بالا .. بل اجتهد وابذل وتحدَّ نفسك .. وغالبا ستنتصر عليها بإذن الله .. وأسرَّ إليها بقولك: يا نفس؛ الوعد قدام (وما فات شيء).

- قد يتأثر أحدنا عندما يرى أولاد غيره أفضل من أولاده من ناحية الحفظ أو التربية أو المستوى الدراسي .. فيفقد الأمل في الإصلاح .. فلا تقل ذلك .. بل ابدأ من الآن .. والموفق من وفقه الله تعالى، والدعاء، الدعاء .. فبادر إلى تربيتهم وما فيه صلاحهم وأقنع نفسك وإياهم بأنه (ما فات شيء).

- قد يُفرط أحدنا في حقوق والديه أو زوجه أو أولاده أو أحد إخوانه وجيرانه .. فيقول: التقصير كثير وكثير .. والتفريط لايمكن تدراكه!! .. لاتقل ذلك، فما دامتْ نفسك بين جنبيك .. فأنت قادر - بإذن الله - على التدراك والإصلاح .. فقل لنفسك من الآن: (ما فات شيء).

- إن تأخر فطورك أو غداءك أو عشاءك .. فغضبت لذلك .. فبادر إلى ما يسد جوعتك .. وقل لنفسك: الحمدلله، والأمر يسير (وما فات شيء).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير