20 - وهذا شقيق بن سلمة رحمه الله كان يصلي في بيته، وينشج نشيجا ً لو جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحدٌ يراه ما فعل.
21 - ووقف رجل يصلي في المسجد، فسجد وجعل يبكي بكاءً شديداً، فجاء إليه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه فقال: " أنت .. أنت .. لو كان هذا في بيتك ".
22 - كان أيوب السخيتاني رحمه الله يقوم الليل كله فيُخفي ذلك، فإذا كان الصبح رفع صوته كأنما قام تلك الساعة.
23 - صحب رجل محمد بن أسلم فقال: لا زمته أكثر من عشرين سنة لم أره يصلي – حيث أراه – ركعتين من التطوع في مكان يراه الناس إلا يوم الجمعة، وسمعته كذا وكذا مرة يحلف ويقول: " لو قدرت أن أتطوع حيث لا يراني ملكاي لفعلت خوفاً من الرياء ".
24 - وهذا داوود بن أبي هند ذُكر في ترجمته أنه صام أربعين سنة لا يعلم به أهله، كان يخرج في مهنته، ويأخذ معه غداءه، فيتوهمون أنه مُفطِر، فيتصدق به في الطريق، فيرجع آخر النهار إلى أهله فيأكل معهم.
25 - اجتمع الفضيل بن عياض وسفيان الثوري يوماً فجلسوا يتذاكرون شيئاً من الرقائق فَرق كل واحد منهم وبكى، فقال سفيان الثوري رحمه الله: " أرجوا أن يكون هذا ا لمجلس علينا رحمة وبركة ". فقال الفضيل بن العياض: " ولكني أخاف يا أبا عبد الله ألا يكون أضرَ علينا .. ألست تخلصتَ من أحسن حديثك وتخلصتُ أنا إلى أحسن حديثي .. فتزينتُ لك .. وتزينتَ لي .. " فبكى سفيان الثوري رحمه الله وقال: " أحييتني أحياك الله ".
26 - وهذا عون بن عبد الله يقول: " إذا أعطيت المسكين شيئاً, فقال: بارك الله فيك، فقل أنت: بارك الله فيك. حتى تَخلُصَ لك صدقتك ".
27 - وكان محمد بن يوسف الأصبهاني لا يشتري خبزه من خبّاز واحد، يقول لعلهم يعرفوني ولكن إذا جئته لأول وهلة لا يعرفُ أني فلان الذي يسمع عنه فتقع لي المحاباة، فأكون ممن يعيش بدينه.
28 - يقول إبراهيم بن أدهم: " ما صدق الله عبدٌ أحبَّ الشهرة ".
29 - وقال بشر بن الحارث: " لا يجد حلاوة الآخرة رجل يُحبُ أن يَعرفهُ الناس ".
30 - وكان مورق العجلي يقول: " ما أحِبُ أن يعرفني بطاعَتِه غَيرهُ ".
31 - ولما قدم عبد الله بن المبارك المصيصة سأل عن محمد بن يوسف الأصبهاني: فلم يعرفه أحد, فلما لقيه قال: " من فضلك يا محمد لا تُعرف؟ " – رأى أن ذلك منقبة وأنه مغمور لا يعرفه أهل البلد -.
32 - كان سفيان الثوري يقول: " وجدت قلبي يصلح بمكة والمدينة مع قوم غرباء أصحاب بتوت وعناء – عليهم أكسية غليظة – غرباء لا يعرفونني فأعيش في وسطهم لا أُعرف كأنني رجل من فقراء المسلمين وعامتهم ".
33 - كان الإمام أحمد يقول: " أحب أن أكون بشعبٍ في مكة حتى لا أُعرف، قد بُليتُ بالشهرة، إنني أتمنى الموت صباحاً ومساءً ".
34 - يقول أيوب السخيتاني لأبي مسعود الجريري: " إني أخاف ألا تكون الشهرة قد أبقت لي عند الله حسنة .. إني لأمر بالمجلس .. فأسلم عليهم .. وما أرى أن فيهم أحداً يعرفني، فيردون علي السلام بقوة، ويسألونني مسألة كأن كلهم قد عرفني، فأي خيرٍ مع هذا ".
35 - ويقول حمَّاد بن زيد: " كنا إذا ممرنا بالمجلس ومعنا أيوب فسلّم؛ ردّوا رداً شديداً، فكان يرى ذلك نقمة ويكتئب لذلك ".
36 - وخرج أيوب السخيتاني مرة في سفر فتبعه أناس كثيرٌ، فقال: " لولا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله عز وجل ".
37 - قال الشافعي: " وددت أن الناس تعلموا هذا العلم على ألا ينسب إليَّ منهُ شيء ".
38 - قال سهل بن عبدالله التستري: " ليس على النفس شيءٌ أشقُّ من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب ".
39 - وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله يضحك في النهار حتى تدمع عينه، فإذا جاء الليل قطّعه بالبكاء والصلاة ..
ومن خير الناس (بسَّام بالنهار بكَّاءٌ في الليل)
44 - روي عن ابن الجوزي عن الحسن أنه قال: كنت مع ابن المبارك فأتينا على سقاية والناس يشربون منها، فدنا منها ليشرب ولم يعرفه الناس، فزحموه ودفعوه، فلما خرج قال لي: ما العيش إلا هكذا، يعني حيث لم نعرف ولم نوقر.
45 - روي عن مطرف بن عبدالله الشخير أنه قال: لأن أبيت نائماً وأصبح نادماً أحب إلي من أن أبيت قائماً فأصبح معجباً.
46 - روي عن النعمان بن قيس أنه قال: ما رأيت عبيدة رحمه الله متطوعاً في مسجد الحي.
47 - يقول علي بن مكار البصري الزاهد: (لأن ألقى الشيطان أحب إلي من أن ألقى فلاناً أخاف أن أتصنع له فأسقط من عين الله).
48 - قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: كان أبي إذا خرج في يوم الجمعة لا يدع أحداً يتبعه، وربما وقف حتى ينصرف الذي يتبعه.
49 - يقول محمد بن أعين وكان صاحب ابن المبارك في أسفاره: كنا ذات ليلة ونحن في غزو الروم، فذهب عبدالله بن المبارك ليضع رأسه ليريني أنه ينام، يقول فوضعت رأسي على الرمح لأريه أني أنام كذلك، قال: فظن أني قد نمت، فقام فأخذ في صلاته، فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا أرمُقُه، فلما طلع الفجر أيقظني وظن أني نائم، وقال: يا محمد، فقلتُ: إني لم أنم، فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك يُكلمني ولا ينبسط إليّ في شيء من غزاته كلها، كأنه لم يعجبه ذلك مني لِمَا فطنت له من العمل، فلم أزل أعرفها فيه حتى مات، ولم أر رجلاً أسرَّ بالخير منه.
50 - قيل لسفيان الثوري: لو دخلت على السلاطين؟ قال: إني أخشى أن يسألني الله عن مقامي ما قلتُ فيه، قيل له: تقول وتتحفّظ، قال: تأمرونني أن أسبح في البحر ولا تبتل ثيابي؟؟!!.
جمع وإعداد
أخوكم في الله
الدين النصيحة
¥