تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على معاصي الله عز وجل عجل الله عقوبته ولم يمهله وهذا أمر قد استقر عندهم وعلموه بالتجارب وذلك لعظم اليوم وشرفه عند الله واختيار الله سبحانه له من بين سائر الأيام ولا ريب أن للوقفة فيه مزية على غيره.

التاسع: أنه موافق ليوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في واد أفيح وينصب لهم منابر من لؤلؤ ومنابر من ذهب ومنابر من زبرجد وياقوت على كثبان المسك فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى ويتجلى لهم فيرونه عيانا ويكون أسرعهم موافاة أعجلهم رواحا إلى المسجد وأقربهم منه أقربهم من الإمام فأهل الجنة مشتاقون إلى يوم المزيد فيها لما ينالون فيه من الكرامة وهو يوم جمعة فإذا وافق يوم عرفة كان له زيادة مزية واختصاص وفضل ليس لغيره.

العاشر: أنه يدنو الرب تبارك وتعالى عشية يوم عرفة من أهل الموقف ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء أشهدكم أني قد غفرت لهم وتحصل مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعة الإجابة التي لا يرد فيها سائلا يسأل خيرا فيقربون منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة ويقرب منهم تعالى نوعين من القرب أحدهما: قرب الإجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني: قربه الخاص من أهل عرفة ومباهاته بهم ملائكته فتستشعر قلوب أهل الإيمان هذه الأمور فتزداد قوة إلى قوتها وفرحا وسرورا وابتهاجا ورجاء لفضل ربها وكرمه، فبهذه الوجوه وغيرها فضلت وقفة يوم الجمعة على غيرها.

وأما ما استفاض على ألسنة العوام بأنها تعدل ثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له عن رسول الله ولا عن أحد من الصحابة والتابعين، والله أعلم.

الفائدة الثالثة: قال ابن القيم: زاد المعاد ج: 1 ص: 71

وإسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب مع أنه باطل بنص كتابهم فإن فيه إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه بكره وفي لفظ وحيده ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده والذي غر أصحاب هذا القول أن في التوراة التي بأيديهم اذبح ابنك إسحاق قال وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم لأنها تناقض قوله اذبح بكرك و وحيدك ولكن اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف وأحبوا أن يكون لهم وأن يسوقوه إليهم ويحتازوه لأنفسهم دون العرب ويأبى الله إلا أن يجعل فضله لأهله وكيف يسوغ أن يقال إن الذبيح إسحاق والله تعالى قد بشر أم إسحاق به وبابنه يعقوب فقال تعالى عن الملائكة إنهم قالوا لإبراهيم لما أتوه بالبشرى (لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) (هود 70 _71) فمحال أن يبشرها بأنه يكون لها ولد ثم يأمر بذبحه ولا ريب أن يعقوب عليه السلام داخل في البشارة فتناول البشارة لإسحاق ويعقوب في اللفظ واحد وهذا ظاهر الكلام وسياقه فإن قيل: لو كان الأمر كما ذكرتموه لكان يعقوب مجرورا عطفا على إسحاق فكانت القراءة ومن وراء إسحاق يعقوب أي ويعقوب من وراء إسحاق قيل: لا يمنع الرفع أن يكون يعقوب مبشرا به لأن البشارة قول مخصوص وهي أول خبر سار صادق وقوله تعالى (ومن وراء إسحاق يعقوب) جملة متضمنة لهذه القيود فتكون بشارة بل حقيقة البشارة هي الجملة الخبرية ولما كانت البشارة قولا كان موضع هذه الجملة نصبا على الحكاية بالقول كأن المعنى وقلنا لها من وراء إسحاق يعقوب والقائل إذا قال: بشرت فلانا بقدوم أخيه وثقله في أثره لم يعقل منه إلا بشارته بالأمرين جميعا هذا مما لا يستريب ذو فهم فيه البتة، ثم يضعف الجر أمر آخر وهو: ضعف قولك مررت بزيد ومن بعده عمرو ولأن العاطف يقوم مقام حرف الجر فلا يفصل بينه وبين المجرور كما لا يفصل بين حرف الجار والمجرور ويدل عليه أيضا أن الله سبحانه لما ذكر قصة إبراهيم وابنه الذبيح في سورة الصافات قال: (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين) الصافات (103ـ 111) ثم قال تعالى: (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) (الصافات112) فهذه بشارة من الله تعالى له شكرا على صبره على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير