تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عظمة الرجال تكون على قدر اتباعهم لشرع الواحد المتعال -بقلم الشيخ رضا بوشامة حفظه الله]

ـ[سمير زمال]ــــــــ[27 - 02 - 10, 08:12 م]ـ

عظمة الرجال تكون على قدر اتباعهم لشرع الواحد المتعال

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى خير الورى الذي حذَّر أمته من الغلو فيه وحثهم على الدفاع عن سنته ومنهجه القويم.

من الكتابات التي أُعْجَبُ بها بين الحين والآخر ما يخطه يراع الأستاذ محمد الهادي الحسني، ويزداد إعجابي به سيره على خطى شيخه وشيخ المسلمين محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله.

وفي هذا اليوم الذي يستقبل فيه المبتدعة والعامة والطرقية الاحتفال بالمولد النبوي الذي لم يحتفل به سلفنا الصالح ولا أئمتنا المرضيون كتب الأستاذ مقالا في جريدة الشروق أشاد ونوَّه فيه بشاعر طالما انتقده الأئمة الغيورون على هذا الدين، وأشاد بقصيدته وعرَّف بها وزاده فخرا أن كان أصل ناظمها من صنهاجة ومن مدينة المسيلة إحدى مدن ربوع هذا الوطن الحبيب الجزائر.

فليعلم الكاتب ـ عفا الله عنا وعنه ـ أنَّ الأرض لا تقدِّس أحدا وإنَّما يقدِّس الإنسانَ عملُه، كما نقل الإمام مالك في «الموطأ» عن سلمان الفارسي رضي الله عنه.

وكان الأحرى بالكاتب أن ينتقد الشَّاعر ويبيِّن ما في بردته من المجازفات والغلوِّ الَّذي حذَّرنا منه الرَّسول الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم في غير ما حديثٍ كقوله: «إيَّاكم والغلوَّ في الدِّين فإنَّما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدِّين».

وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا تطروني كما أطرت النَّصارى عيسى ابن مريم، ولكن قولوا عبد الله ورسوله».

وقصيدة البردة فتحت للأمة بابا عظيما من أبواب الشِّرك بالله، فأيُّ ذنب أعظم من الشِّرك والغلوِّ مهما أجاد قائله في بلاغته ولغته، فالعرب لم يكن أحدٌ أبلغ منهم ولا أشعر، ولم يشفع لهم ذلك عند الله أن أرسل إليهم محمَّدا صلى الله عليه وسلَّم ليبيِّن لهم التَّوحيد وينهاهم عن الشِّرك، وما كان له عليه الصَّلاة والسَّلام أن يردِّد أقوالهم الكفريَّة والشِّركيَّة لمجرَّد بلاغة القائل وحسن كلامه.

وكان الأولى بالكاتب أن يحذِّر المسلمين من هذه البردة الدَّاعية للشِّرك الصُّراح والغُلوِّ غير المباح، وأن يقتفيَ سبيل العلماء النَّاصحين لهذه الأمَّة الَّتي كثر فيها الجهل بشرع الله، لا أن يسكت عن بيان الحق من أجل أن قائلَها من صنهاجة، فبئس وطنية وشعوبية تورث الجهل، والبعد عن دين الله، «دعوها فإنَّها منتنة»، وفي علماء الدِّين من المالكيَّة المغاربة والأندلسيِّين، القائمين بالذَّود عن الشَّريعة الغرَّاء وبيان الدِّين والتَّمسُّك بأصوله، غناء وفخر عمَّن حشر نفسه في زمرتهم، وأساء إلى أبناء ملَّتهم بالابتداع في الدِّين وإغواء المسلمين.

سمَّى الكاتب مقاله: «أعظم مادح لأعظم ممدوح» وفي المقال قرن (مادحَه) بالصَّحابي الجليل الموحِّد حسَّان بن ثابت، فقال: «لم يمدح أحد بعد حسَّان بن ثابت رسولَ الله عليه الصَّلاة والسَّلام مثل ما مدحه هذا الشَّاعر».

أقول: أين الثَّرى من الثُّريَّا، أيُّ عظمةٍ في تغيير أصول الدِّين، وإعطاء النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم صفات ربِّ العالمين.

يقول البوصيري في هذه البردة:

فإنَّ من جودك الدُّنيا وضرَّتها ومن علومك علم اللَّوح والقَلم

فجعل الدُّنيا والآخرة من جود النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإعطائه وإفضاله، والله يقول: ?وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى?.

وجعل النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَعلم الغيبَ، والله يقول: ?قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ الله?.

وقال: ?قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُون?.

وروى البخاري في «صحيحه» عن الرُّبيِّع بنت معوِّذ قالت: دخل عليَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدُّفِّ يندُبن مَن قُتل من آبائهن يوم بدر، حتَّى قالت جارية: وفينا نبيٌّ يعلمُ ما في غد، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لا تقولي هكذا وقولي ما كنت تقولين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير