تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صلَّى الله عليه وسلَّم، فرأيتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنشدها بردةً، فأعطيته إيَّاها، وذكر الفقير ذلك، وشاع المنام».

أيُعظَّم من لا يُعظِّم شرعَ الله ولا يعظِّم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فرسول الله عليه الصَّلاة والسَّلام أتقى لربِّه من أن يكون متمايلا تمايل السُّكارى!!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ثمَّ سبب قضاء حاجة بعض هؤلاء الدَّاعين الأدعية المحرَّمة أنَّ الرَّجل منهم قد يكون مضطرًّا اضطرارا لو دعا اللهَ بها مشركٌ عند وثن لاستُجيب له؛ لصِدقِ تَوجُّهه إلى الله وإن كان تحرِّي الدُّعاء عند الوثن شركاً، ولو استُجيب له على يَد المتوسَّل به صاحب القبر أو غيره لاستغاثتِه فإنَّه يُعاقَب على ذلك ويهوي في النَّار إذا لم يعفُ الله عنه، كما لو طلب من الله ما يكون فتنة له ... فكم مِن عبد دعا دعاءً غير مباح فقُضيت حاجته في ذلك الدُّعاء، وكان سبب هلاكه في الدُّنيا والآخرة ... » [اقتضاء الصِّراط المستقيم (2/ 698)].

وختاما أقول: ألا فليبك من كان باكيا على غربة الإسلام والدِّين، ورحم الله الإمام الرَّبَّاني العلَّامة الطَّيِّب العُقبي ـ الَّذي تنكَّر لدعوته ودعوة أصدقائه كثير ممَّن يدَّعي اقتفاء آثارهم ـ حيث يقول: «إنَّنا نعتقد ولم نزل نعتقد في إيمان وإخلاص بأنَّ الدِّين وحده هو الَّذي ينهض بهذه الأمَّة حديثا كما نهض قديما، وبالدِّين فقط نصل إلى حيث نأمل ونبلغ كلَّ ما نرجوه ونتمنَّاه، والدِّين هو رأس مالنا الَّذي لا خسارة معه، ولا ندامة تلحقُ العاملين به والمعتصمين بحبله المتين، وإذن فالدِّين قبل كلِّ شيء». [جريدة الإصلاح العدد 46].

وأذكِّر الكاتب بمقولة لشيخ المسلمين محمَّد البشير الإبراهيمي إذ يقول رحمه الله: «وأكبر جرحة دينيّة فيهم ـ عندي ـ إقرارُهم (أي مشايخ الطُّرق) لتلك الأماديح الشِّعريَّة الملحونة الَّتي كان يقولها فيهم الشُّعراء المتزلِّفون وينشدونها بين أيديهم في محافلهم العامَّة، وفيها ما هو الكفر أو دونه الكفرُ؛ مِن وصفهم بالتَّصرُّف في السَّموات والأرضين وقدرتهم على الإغناء والإفقار وإدخال الجنَّة والإنقاذ من النَّار، دع عنك المبالغات الَّتي قد تُغتفر، كلُّ ذلك وهُم ساكتون بل يعجبون لذلك ويطربون ويُثيبون المادح، علمًا منهم أنّ ذلك المديح دعايةٌ مثمرة تجلب الأتباع وتدرُّ المال. ولو كانوا على شيء من الدِّين لما رضوا أن يسمعوا تلك الأماديح، وهم يعلمون كذِبها من أنفسهم ويعلمون أنَّ فيها تضليلا للعامَّة وتغريرا بعقائدها». [سجل مؤتمر جمعية العلماء: (ص 39)]

وقوله أيضا: «إنَّ أخوف ما يخافه المشفقون على الإسلام جهل المسلمين لحقائقه وانصرافهم عن هدايته، فإنَّ هذا هو الَّذي يُطمع الأعداء فيه وفيهم، وما يُطمع الجار الحاسدَ في الاستيلاء على كرائم جاره الميت إلا الوارث السَّفيه». [جريدة البصائر عدد 13].

وقال عليه رحمة الله: «ونحن إذ نُنكر الفاسد من الأعمال والباطل من العقائد سواءٌ علينا أصدرت من سابق أم من لاحق، ومن حيٍّ أم من ميِّت؛ لأنّ الحُكم على الأعمال لا على العاملين» الآثار:1/ 174.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه د. رضا بوشامة

أستاذ الحديث بجامعة الأمير عبد القادر الإسلامية ـ قسنطينة.

المشرف العام لموقع راية الإصلاح

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير