قال: ويشبه أن يكون النبي (لم يتعمد لحملها؛ لأن ذلك يشغله عن صلاته وعن الخشوع فيها، وأنها كانت إذا سجد جاءت فتعلقت بأطرافه والتزمته، فينهض من سجوده فيخليها وشأنها، فتبقى محمولة كذلك إلى أن يركع، فيرسلها إلى الأرض، حتى إذا سجد وأراد النهوض عاد إلى مثله.
قلت: هذا تبطله الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه خرج على الناس وهو حاملها، ثم صلى لهم وهو حاملها.
وفي حديث أبي قتادة: دليل على أن حمل الجارية الصغيرة في الصلاة ووضعها ليس بمبطل للصلاة، ولا هو بداخل فيما يبطل الصلاة من مرور المرأة بين يدي المصلي؛ فإن هذا ليس بمرور، وأكثر ما فيه أنه كان يضعها بين يديه، وليس هذا بأكثر من صلاته إلى عائشة وهي معترضة بين يديه، بل هذا أهون؛ لأن ذلك لم يكن يستمر في جميع صلاته. وأيضا؛ فهذه صغيرة لَمْ تكن بلغت حينئذ.
وقد سبق فِي حَدِيْث أن زَيْنَب بِنْت أم سَلَمَة مرت بَيْن يدي النَّبِيّ (وَهُوَ
يصلي، فلم يقطع صلاته، وكانت زينب حينئذ صغيرة، وأن المرأة إذا أطلقت لم يرد بها إلا المرأة البالغ.
وهذا هو المعنى الذي بوب البخاري عليه هنا، وخرج الحديث لأجله.
وفيه - أيضا -: دليل على طهارة ثياب الأطفال؛ فإنه لو كان محكوما بنجاستها لم يصل وهو حامل لأمامة.
وقد نص الشافعي وغيره على طهارتها، ومن أصحاب الشافعي من حكى
لهم قولين في ذلك.
ومنع ابن أبي موسى من أصحابنا من الصلاة في ثيابهم حتى تغسل؛ لأنهم لا يتنزهون من البول.
وروى أبو النعيم الفضل بن دكين في ((كتاب الصلاة)): ثنا مندل: ثنا إسماعيل بن مسلم، عن الحارث العكلي، عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يكرهون أن يصلوا في ثياب الصبيان.
إسناد ضعيف.
وقد كره الصلاة في ثيابهم كثير من أصحابنا، وحكي مثله عن الحسن، ورخص فيه آخرون، وهو اختيار بعض أصحابنا، وهذا أصح، وهذا الحديث نص في ذلك. والله سبحانه وتعالى اعلم
ا. ه من فتح الباري لابن رجب
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[28 - 02 - 10, 06:43 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الدرر ..
وليتك تستمر في نقل مثل هذه الكنوز في المسائل الأخرى ..
ـ[ابو سلمان]ــــــــ[01 - 03 - 10, 04:01 م]ـ
وجزاك يا شيخ عبدالرحمن
قعلا ابن رجب ابدع في هذا البحث واجاب عن جميع الاشكالات في هذا الحديث
ومن الطرائف المتعلقة بهذا الحديث عند اليمنيين قولهم حمل العمامة اهون من حمل امامة
وحكاية هذه القصة ان الشوكاني رحمه الله كان يصلى فسقطت عمامته فحمله فانكر عليه احد الناس فرد عليه الشوكاني فقال حمل العمامة اهون من حمل امامة