تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابن عبد البر مستنفراً أهل البلاد للجهاد , رسالة كأنها كتبت لعصرنا الحاضر , فلا تفوتنك

ـ[المنهال]ــــــــ[05 - 04 - 03, 09:07 ص]ـ

ومن رسائله في ذكر الجهاد واستفسار كوافّ البلاد

فصل له من رقعة: ورد كتابُكَ يحضُّ على ما أمرَ اللهُ به من الأُلفةِ، واتفاقِ الكلمة، وإطفاءِ نارِ الفتنة، وَجَمْعِ شملِ الأُمَّة، في هذه الجزيرة المنقطعة عن الجماعة، فلله [46 ب] رأيُكَ الأصيل، وسعيُكَ الجميل، ومذهبُكَ الكريم، وغيبكَ السليم!! ما أصدقَ قيِلك، وأهدى دليلَكَ، وأوضحَ في سبيل البر سبيلك!! وقد كنتُ – علمُ الله – جانحاً إلى ما جنحتَ إليه ويلوحُ لي ما يلوحُ إليك من أنّا على طَرَفٍ إلا ما كفى الله، وعلى قلّةٍ إلا ما وقى الله.

وله فصولٌ [اقتضبتها] من رسالةٍ فيها طولٌ، كتبها على ألسنةِ أهل بَرْبَشْترُ، عنوانها: من الثغورِ القاصية، والأطرافِ النائية، المعتقدين للتوحيد، المعترفين بالوعد والوعيد، المستمسكين بِعُرْوَةِ الدين، المستهلكين في حماية المسلمين، المعتصمين بعصمةِ الإسلام، المتآلفين على الصلاةِ والصيام، المؤمنين بالتنزيل، المقيمين على سُنَّةِ الرسول، محمد نبي الرحمة، وشفيعِ الأُمّة ‘ إلى مَنْ بالأمصارِ الجامعة، والأقطارِ الشّاسعة، بجزيرة الأندلس من ولاةِ المؤمنين، وحماةِ المسلمسن، وَرُعاةِ الدين، من الرؤساءِ والمرءوسين، سلامٌ عليكم، فإنا نحمدُ الله إليكم، حمدَ مَن أيقنَ به رباً، وجعله حَسْباً، وليّ المؤمنين، وغياث المستغيثين، مجرى الفلك في البحر بأمره ((وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأرضِ إلاَّ بِإِذْنِه)) (الحج 65)

ونصلي على المصطفى من أصفيائه، محمدٍ خاتم أنبيائِهِ، المبتعثِ بأنوارهِ الساطعة، وحجاجِهِ القاطعة، على حين عَفَتْ رسوُم الدين، وخوت نجومُ اليقين، فجلا الشكَّ، وأدْحَضَ الإفكَ، فعليه من السلام أفضلُ سلام، ما وُحِّد الرحمن، وَثُنّيَ الفرقدان.

أما بعدُ: حرسكم الله بعينه التي لا تنام، فإنّا خاطبناكم مستنفرين، وكاتبناكم مستغيثين، وأجفاننا قَرْحى، وأكبادُنا حَرَّى، ونفوسنا منطبقةٌ، وقلوبنا محترقةٌ، على حين نشرَ الكفرُ جناحيه، وأبدى الشركُ ناجذيه، واستطار شَرَرُ الشرَّ، ومسَّنا وأهلَنا الضُرّ، أحسنَ ما كنّا بالأيام ظنّاً، وملَّتُنا ظاهرةٌ، وَفِئَتُنا متناصرة، لا تُشَلُّ لنا يد، ولا يُفَلُّ لنا حدّ، حتى انقلبتِ العين، وبان الصبحُ لذي عينين.

[وفي فصل منها]: وأيُّ أمانٍ من زمانٍ قلما يخضرُّ منه جانبٌ إلا جفَّ جانب، ولا تبرقُ منه بارقة إلا أتبعتها صاعقة، إلا ما وقى الله. وننبئكم – معشرَ المسلمين – بعضَ ما نابنا في ثغورنا، عسى أن تكونوا سبباً لِنُصرتنا، فالمؤمنون إخوةٌ، والمسلمون لُحْمَةٌ، والمرءُ كثيرٌ بأخيه، وإلى أمّهِ يلجأ اللهفان، وإلى الصوارم تفزعُ الأقران، والسعيدُ من وعظ بغيره، والشقيّ من عَمِيَتْ عيناه، وصمَّت عن الموعظةِ أُذُناه. ونقصُّ عليكم من نبأنا، وما انتهت إليه حالُ ملأنا، ما والله يوجعُ [47أ] القلوبَ سماعُهُ، كما قصَمَ الظهورَ وأسخنَ العيون اطلاعه.

وفي فصل منها: فأحاطت بنا كإحاطة القلادة بالعنق، يسوموننا سوءَ العذاب، بضروبٍ من الحربِ والحراب، آناءَ ليلها ونهارها، تصبُّ علينا صواعقها، وترمي إلينا بوائقَها، فإنا لله وإنا إليه راجعون، على ما رأت منا العيونُ، مِن انتهاكِ تلك النِّعم المدّخرات، وهتكِ سِتر الحُرَمِ المحجّبات، والبناتِ المخدرات، وما تكشَّفَ من تلك العوراتِ المستَّرات، فلو رأيتم – معشرَ المسلمين – إخوانكُم في الدين، وقد غلبوا على الأموالِ والأهلين، واستحكمتْ فيهم السيوفُ، واستولتْ عليهم الحتوف، وأثحنتهم الجراح، وعبثتْ بهم زُرْقُ الرِّماح، وقد كثر الضجيجِ والعويلُ والنياح، ودماؤهُمْ على أقدامهم تسيل، سيلَ المطرِ بكلِّ سبيل، ورءوسهم قُدَّامَهُمْ تطير، وقلوبُهُمْ في أجسادهم تستطير، ولا مغيثَ ولا مجير، وقد صمّتِ الآذانُ، بصراخ الصبيان، ونياح النسوان، وبكاء الولدان، وعلتِ الأصوات، وفشتِ المنكرات، وتمرَّد الشيطان، واشتهر الطغيان، وظهرتِ الصلبان، وأفصحت النواقيس، وجلَّحت الأباليس، وسعرت طغاة الخنازير، وصارت الدورُ كالتنانير، دماءٌ تُسفَكُ، وستورٌ تهتك، وَحُرَمٌ تنتهك، ونعمٌ تستهلك، وأقفاء تُصفع، وأعضاء تُقطَع، وأعياث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير