تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نصيحة للشباب المسلم وطلبة العلم .. الألباني رحمه الله]

ـ[العاصمي الجزائري]ــــــــ[07 - 03 - 10, 08:45 م]ـ

نصيحة للشباب المسلم وطلبة العلم لفضيلة الشيخ العلامة محمّد ناصر الدين الألباني رحمه الله

أنصحكم ونفسي أوّلا بتقوى الله ثم ببعض ما يتفرع من من تقوى الله تبارك وتعالى من ذلك

أولا:

أن تطلبوا العلم خالصا لوجه الله لا تريدون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا ولا تصدر المجالس إنما إلى الدرجة التي خص الله تعالى بها العلماء حين قال: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).

وثانيا:

الابتعاد عن المزالق التي يقع فيها بعض طلاب العلم والتي منها: أنهم سرعان ما يسيطر عليهم العجب والغرور فينطلق أحدهم إلى أن يركب رأسه وأن يفتي نفسه وغيره بما بدا له دون أن يستعين بأهل العلم من سلف الأمة الصالح الذين خلفوا لنا تراثا عظيما ينير من العلوم الإسلامية لنستعين به على قضاء كثير من الملمات التي تراكمت على العصور وعشنا بعضها وكانت ظلاما دامسا والاستعانة بأقوال السلف وآرائهم يساعدنا على إزالة هذه الظلمات ويرجعنا إلى منهل الكتاب والسنة الصحيحة ولا أخفاكم أنني عشت في زمن أدركت فيه أمرين متناقضين. الأمر الأول: حين كان المسلمون جميعا شيوخا وطلاّبا عامة وخاصة يعيشون في بؤرة التقليد ليس فقط للمذاهب للمذاهب بل للآباء والأجداد ونحن في خضم ذلك ندعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هنا وهناك وفي مختلف البلاد الإسلامية من يقوم مثلنا أفراد كذلك فكنا نعيش جميعا كالغرباء الذين وصفهم الرسول عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث المعروفة التي منها (إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء) وجاء في بعض الروايات أنه عليه السلام قال: (هم ناس قليل صالحون بين كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) وفي رواية أخرى: (هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي بعدي)

أقول: عشنا ذلك الزمان ثم بدأنا نتبنى الأثر الطيب لدعوة الغرباء المصلحين بين صفوف الشباب المؤمنين ورأينا هذا الشباب يستقيم على الجادة في كثير من البلاد الإسلامية ويحرص على التمسك بالسنة حيثما صحت عندهم ولكن ما طال فرحنا هذا بهذه الصحوة التي لمسناها بهذه السنوات الأخيرة حتى فوجئنا بانقلاب وقع في هؤلاء الشباب في بعض البلاد كاد يقضي على آثار هذه الصحوة الطيبة وما سبب ذلك وهنا العبرة إلا أنهم أصابهم العجب والغرور بسبب ما تبين لهم أنهم أصبحوا على شيء من العلم الصحيح ليس فقط بين جماعة الشباب المسلم الضائع بل حتى بين كثير من شيوخ العلم حين شعروا بأنّهم تفوّقوا بهذه الصحوة على أهل المشيخة والعلم المنتشرين في العالم الإسلامي كما أنهم لم يشكروا الله عزّ وجلّ حيث وفّقهم إلى هذا العلم الصحيح وآدابه بل اغتروا بأنفسهم وظنوا أنهم على شيء فأخذوا يصدرون الفتاوى الفجة غير القائمة على التفقه بالكتاب والسنة فظهرت هذه الفتاوى من آراء غير ناضجة فظنوا أنها هي العلم المأخوذ من الكتاب والسنة فضلوا بتلك الآراء وأضلوا كثيرا وليس يخفى عليكم ما كان من آثار ذلك من وجود جماعة في بعض البلاد الإسلامية الذين أخذوا يصرحون بتكفير كل الجماعات المسلمة بفلسفات لا مجال الآن في هذه العجالة للخوض بها وبخاصة أننا بصدد نصيحة وتذكير للإخوة طلبة العلم والدعاة لذلك أنصح إخواننا أهل السنة والحديث في كل بلاد الإسلام أن يصبروا على طلب العلم وأن لا يغتروا بما جنوا من علم إنما يتابعون الطريق ولا يعتمدون على مجرد أفهامهم أو ما يسمونه باجتهادهم. وأنا سمعت الكثير من إخواننا ويقولونها وبمنتهى السهولة وبكل بساطة ولا مبالاة بعواقبها أنا اجتهدت .. أنا أرى كذا أو أنا لا أرى ذلك. وعندما تسالهم على ماذا اجتهدت فكان رأيك كذا وكذا؟ هل اعتمدت على فقه الكتاب والسنة وإجماع العلماء من الصحابة وغيرهم؟ ولما استعنت هل استعنت بكتب الفقه والحديث وأفهام العلماء لها؟ أو هو الهوى والفهم القاصر النظر والإستدلال؟ هو هذا بالفعل. هذا في اعتقادي سببه العجب والغرور. لذلك أجد في العالم الإسلامي اليوم ظاهرة غريبة جدا تظهر في بعض المؤلفات وهي أنه أصبح من هو عدو للحديث مؤلفا في علم الحديث ليقال فقط إنه الف في علم الحديث ولو رجعت إلى هذا الذي كتبه في هذا العلم الشريف لوجدته مجرد نقول لملمها وجمعها من هنا وهناك وألّف منها كتابه هذا. ما الباعث يا ترى؟ هو حب الظهور والبروز وصدق من قال (حب الظهور يقطع الظهور) لذلك أكرر القول لغخواني طلبة العلم أن يبتعدوا عن كل خلق ليس إسلاميا ومن ذلك أن لا يغتروا بما أوتوا من علم وأن لا يغلبهم العجب وأن ينصحوا للناس أخيرا بالّتي هي أحسن ويبتعدوا عن الأساليب القاسية والشديدة في الدعوة لأننا جميعا نعتقد أنّ الله عزّ وجلّ حين قال: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) إنما قال ذلك لأن الحق في نفسه ثقيل على النفس ثقيل على النفوس البشرية ولذلك هي تستكبر عن قبوله إلاّ من شاء ربك فإذا انضم إلى ثقل الحق على النفس البشرية عضو آخر وثقل آخر وهو القسوة في الدعوة كان ذلك تنفيرا للناس عن الدعوة وقد تعلمون قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن منكم لمنفرين (ثلاثا)). وحتاما أسأل الله عز وجل أن لا يجعل منا منفرين وإنما يجعلنا حكماء عاملين بالكتاب والسنة.

ونستودعكم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن كتاب حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه لفضيلة الشيح محمد بن ابراهيم الشيباني منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق الكويت 87 في جزئه الأوّل ص 452 وما بعدها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير