تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالمؤمن في جهاد مع الشيطان وحزبه .. ربنا - جل وعلا - يقول: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ

فاطر 6،

وقال: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ))

سورة يس 60 ..

ولذاك فهو يبعث في ذلك جنوده ويبعث معهم مدداً وعوناً؛ فإن فتروا حركهم وإن ضعفوا أزعجهم .. يزينون للعباد الكفر والشرك والبدع والمعاصي: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً)

مريم 83

؛ أي تزعجهم إلى مخالفة أمر الله - جل وعلا- إزعاجاً .. كلما فتروا أزعجتهم الشياطين وأزتهم وأثارتهم.

إخوة الإسلام .. أصل كل بلاء ومعصية إنما هو من وسوسة الشيطان التي هي أصل شره؛ ولهذا أنزل الله - جل وعلا - سورة كاملة تحدثنا عن هذا الوضع قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ* إِلَهِ النَّاسِ* مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)

الناس 1 – 5 ..

فالشيطان يزين للعباد المعصية ويلقيها في قلوبهم، ثم يجتهد في كشف ستر صاحبها وفضيحته وإذاعته .. يقول ابن القيم - رحمه الله -: " الرب يستر عبده، والشيطان يجتهد في كشف سره وفضيحته؛ فيغتر العبد حينئذ ويقول: هذا ذنب لم يره إلا الله - جل وعلا - ولم يشعر بأن عدوه ساع في فضيحته، وقل من يتفطن من الناس لهذه الدقيقة) .. انتهى كلامه المتين ..

ربنا جل وعلا يخبرنا عن ذلك فيقول حكاية عن إبليس اللعين:

((قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)) الأعراف 15 – 16.

إخوة الإسلام .. وإذا كان هذا شأن الشيطان وهمته فإن الخلاص منه لا يكون إلا بمعونة الله - جل وعلا - وتأييده وإعانته؛ فعلى العبد أن يحقق التقوى وأن ينفذ أوامر الله - جل وعلا - ونهيه في عباده ..

ربنا - جل وعلا- قال:

((فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ)) النحل 98 - 100 ..

ورسولنا - صلى الله عليه وسلم - يخبرنا بقاعدة النجاة فيقول: " أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك " ..

وعلى العبد أن يجرد التوبة إلى الله - جل وعلا- من الذنوب التي تسلط عليه الشرور والآلام، وعليه أن يقبل على الله - جل وعلا- فإن سبيل النجاة بالإقبال على الله والإخلاص له وجعل محبته ومرضاته في كل خواطر نفسه وأمانيها ومشتهياتها .. يقول الله - تعالى - حكاية عن عدوه إبليس:

((قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)) سورة ص 82 - 83.

إن السبب الأقوى لدفع شرور الشيطان أن يعتمد العبد على الله - جل وعلا - وأن يتوكل عليه، وأن يفوض أمره إليه؛ فمن توكل على الله كفاه ووقاه من كل ما يؤذيه وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) الطلاق 3.

إخوة الإسلام .. ويعتصم العبد من الشيطان ويستدفع شروره ويحترز من أضراره بأسباب مفصلة:

أحدها: الاستعاذة بالله من الشيطان وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ الأعراف 200.

الاستعاذة هي: الالتجاء إلى الله - جل وعلا - والاعتصام به والتحرز بجنابه من الشيطان؛ فهو - سبحانه - الذي يعصم عباده ويمنعهم من شرور الشيطان وكيده.

الثاني: قراءة سورة (الفلق) و (الناس)؛ ففي الحديث عن عقبة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: " ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) " .. رواه مسلم .. وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقراءتهما مع سورة (الإخلاص) و (آية الكرسي) في دبر كل صلاة ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير