كما أن تتابع الأساتذة والمدرسين على عدم المطالبة بالحقوق في هذه الملازم مما قد يشير إلى إقرارهم بجوهرية التعديل المجرى على مادتهم العلمية والبحثية، نعم؛ هم يحذرون من هذه الملخصات والملازم من الناحية العلمية، وأن الاعتماد عليها قد يُسَطِّح الناحية العلمية لدى الطلبة، لا من باب الحقوق المحفوظة.
كما قد نستند إلى العرف أيضا في هذا، حيث إن هذه المراكز تستخفي إذا باعت مصورات لتلك الكتب الجامعية، بينما تبيع الملخصات والملازم في العلن، وأمام الأساتذة والمدرسين، بل ويقومون بإعلان أسمائهم في هذه الملازم، بينما يخفون شخصياتهم في الكتب المصورة.
ثم لا زالت – في بلد السائل – تظهر كتب من عشرات السنين تباع دون نكير من أحد سواء من العلماء أو أصحاب الحقوق، وهي الكتب المسماة «الكتب الخارجية التعليمية» كسلاح التلميذ والأضواء وغيرهما، بالرغم من اعتمادها، وبشكل مباشر ورئيسي على المادة العلمية للكتب الأصول، بل إن بعض المعلمين يطلب وجودها مع تلامذته.
وليلحظ أن التغيير لابد وأن يكون جوهريا، بمعنى أن قيام الباحث التالي بالتقديم أو التأخير في المادة العلمية الخاصة بالباحث الأصيل لا يعتبر إجراءً جوهريا وإن قُصِد لا لذاته، ومن ذلك قيام بعض دور النشر المعروفة بسرقاتها العلمية بإجراء بعض التعديلات على كتبٍ وأبحاثٍ: لا يعتبر تعديلا جوهريا، وإن قَصَده المشتري لا لذات التعديل، وإنما لثمنه الزهيد.
قال السائل:
فإذا كانت هذه المراكز يختلط فيها المال، بحسب قولكم حلاله مع حرامه، وذلك لقيامهم بكلا العمليتين: إجراء التعديلات الجوهرية، وكذلك التصوير المباشر للكتب بدون تعديلات، فهل يجوز لي تقاضي راتبي أو أجري منهم بالرغم من هذه الإشكالية؟
قلت:
القاعدة عندنا أن: تَغَيُّر سَبْب المِلْك كتَغَيُّر عَيْن المال.
فقد أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ فَقِيلَ: هَذَا مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ» متفق عليه، فقد ظهر أنه بالرغم من عدم تغير عين المال، وهو اللحم، وبالرغم من أن الأنبياء لا تحل لهم الصدقة، إلا أنه صلى الله عليه وسلم حَكَمَ بجوازها له ولآله بالتبع، ونص على العلِّيَّة في حكمه، بما أفاد أن تغير سبب الملك لهذا المال، كتغير عينه؛ فَحَلَّ.
وبهذا يتبين أن من فروع هذه القاعدة ما عمت به البلوى مِنْ وَضْع أغلب المصالح والشركات والهيئات والوزارات الحكومية في كثير الدول من المُشَكِّلة لكيان الأمة في مصارف وبنوك تتعامل بالربا، وربما اختلطت الفوائد المتحصلة من هذه المصارف بأصول الأموال التي وضعت بها، وبالتالي وصولها إلى الموظفين والعمال بتلك المنشأة، فيقال إن سبب ملك هذه المال للعامل أو الموظف هو العمل بمقابل، فكأنه تغيير لعين هذا المال الذي اختلط في الربوي بالطيب.
وبالرغم من ذلك فإن قاعدة الورع: التَّرَفُّع عن هذه النوعية من الأموال، فمن وجد سبيلا للاستغناء عن هذا النوع من المال فبها، وإلا ترخص، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال الأمة.
فإذا كان مجال عمل السائل مباحا لدى هذه المراكز التعليمية، وهو في هذه الحال قيامه بعمل ملخصات وسؤالات للطلبة، وهو – كما قررنا – يغلب على ظننا أنه من المباحات، فيجوز عمله، وتقاضيه لراتبه وأجره.
والله المستعان وعليه التكلان، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه بمكانه وتاريخه
محمد بن علي المصري الحنبلي
[email protected]
http://el-rewaq.com/play-4995.html
http://el-rewaq.blogspot.com/2010/03/httpel-rewaq.html
ـ[محمد بن علي المصري]ــــــــ[24 - 03 - 10, 09:24 م]ـ
يرفع، لعلنا نظفر بمناقش!