[حكم الرواية عن المبتدع الرافضي إذا كان ثقة]
ـ[أبو عبد الرحمن البرادعي]ــــــــ[25 - 03 - 10, 04:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
فقد كنت أبحث في بعض الأحاديث الذي يروى من طريق عبيد الله بن موسى عن يعقوب القمي فبينا أنا أبحث في كتب الرجال عن عبيد هذا وجدت أن أهل العلم على توثيقه مع بدعته:
حيث قال الذهبي في (الكاشف 1/ 687): الحافظ , أحد الأعلام على تشيعه وبدعته.
وفي (تذكرة الحفاظ 1/ 353): الحافظ الثبت ... وثقه يحيى بن معين.
قال أبو حاتم: ثقة صدوق , وقال أبو داود: كان شيعياً محترقاً (الجرح والتعديل 5/ 334)
وتكلم فيه أحمد لبدعته وغلوه فيها. انظر (الضعفاء الكبير 3/ 127).
فجمعت بحثاً قصيرا في حكم الرواية عن الرافضي المبتدع
وأرجو من إخواني تسديدي فيه
جزاكم الله خيرا
اختلف أهل العلم في رواية المبتدع الرافضي على ثلاثة أقوال:
فالأول: المنع مطلقاً , والثاني الترخيص مطلقاً إلا فيمن يكذب ويضع , والثالث: قبول رواية الرافضي الصدوق العارف بما يحدث , ورَدّ رواية الرافضي الداعية ولو كان صدوقاً على تفصيل:
فممن قال بالقول الأول: مالك وأصحابه والقاضي أبو بكر الباقلاني واتباعه.
وأما المذهب الثاني فهو القبول مطلقا إلا فيمن يكفر ببدعته وإلا فيمن يستحل الكذب , ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف صاحبه وطائفة وروي عن الشافعي أيضا.
وأما المذهب الثالث وهو التفصيل فهو الذي عليه أكثر أهل الحديث بل نقل فيه ابن حبان إجماعهم.
قال الحافظ ابن حجر: " البدعة على ضربين فبدعة صغرى كغلو التشيع أو كالتشييع بلا غلو ولا تحرق فهذا كثير في التابعين واتباعهم مع الدين والورع والصدق فلو رد حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية وهذه مفسدة بينة ثم بدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء الى ذلك فهؤلاء لا يقبل حديثهم ولا كرامة وأيضا فلا استحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا بل الكذب شعارهم والتقية والنفاق دثارهم فكيف يقبل من هذا حاله حاشا وكلا.
ثم قال: " وينبغي ان يقيد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقا ولم يكن داعية بشرط ان لا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشيدها فانا لا نأمن حينئذ عليه غلبة الهوى والله الموفق فقد نص على هذا القيد في هذه المسألة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ النسائي فقال في مقدمة كتابه في الجرح والتعديل ومنهم زائغ عن الحق صدوق اللهجة قد جرى في الناس حديثه لكنه مخذول في بدعته مأمون في روايته فهؤلاء ليس فيهم حيلة الا ان يؤخذ من حديثهم ما يعرف الا ما يقوى به بدعتهم فيتهم بذلك. اهـ
قال القاسمي في (قواعد التحديث 1/ 192 ومابعدها): " وأما البدعة فالموصوف بها غما أن يكون ممن يكفر بها أو يفسق فالمكفر بها لا بد أن يكون ذلك التكفير متفقاً عليه من قواعد جميع الأئمة كما في غلاة الروافض من دعوى بعضهم حلول الإلهية في على أو غيره أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة أو غير ذلك وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شيء البتة والمفسق بها كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لأصول السنة خلافاً ظاهراً لكنه مستند إلى تأويل ظاهره سائغ فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله إذا كان معروفاً بالتحرز من الكذب مشهوراً بالسلامة من خوارم المروءة موصوفاً بالديانة أو العبادة فقيل يقبل مطلقاً وقيل يرد مطلقاً والثالث التفصيل بين أن يكون داعية لبدعته أو غير داعية فيقبل غير الداعية ويرد حديث الداعية وهذا المذهب هو الأعدل وصارت إليه طوائف من الأئمة وادعى ابن حبان إجماع أهل النقل عليه لكن في دعوى ذلك نظر ثم اختلف القائلون بهذا التفصيل فبعضهم أطلق ذلك وبعضهم زاده تفصيلاً فقال إن اشتملت رواية غير الداعية على ما يشيد بدعته ويزينها ويحسنها ظاهراً فلا يقبل وإن لم تشتمل فتقبل وطرد بعضهم هذا التفصيل بعينه في عكسه في حق الداعية فقال إن استملت روايته على ما يرد بدعته قبل وإلا فلا وعلى هذا إذا اشتملت رواية المبتدع سواء كان داعية أم لم يكن على مالا تعلق له ببدعته أصلاً هل تقبل مطلقا أو ترد مطلقاً مال أبو الفتح القشيري إلى تفصيل آخر فيه فقال إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو إخماداً لبدعته وإطفاء لناره وإن لم يوافقه أحد ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وصفنا من صدقة وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالدين وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته والله أعلم.اهـ انظر أيضاً (مقدمة فتح الباري 1/ 385).
جزاكم الله خيراً