كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فأمر بقتلهم حتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ومن قال لا يقتل تارك الصلاة يقول متى تاب
من شركه سقط عنه القتل وإن لم يقم الصلاة ولا آتى الزكاة وهذا خلاف ظاهر القرآن.
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال بعث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وهو ظاهرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين أربعة فقال رجل يا
رسول الله اتق الله فقال: "ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله" ثم ولى الرجل فقال خالد ابن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال: "لا لعله أن يكون يصلي" فقال
خالد فكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لم أؤمر ان أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" فجعل النبي صلى الله عليه
وسلم المانع من قتله كونه يصلي فدل على أن من لم يصل يقتل ولهذا قال في الحديث الآخر نهيت عن قتل المصلين أبو داود رقم والطبراني في الكبير مجمع الزوائد وهو يدل
على المصلين لم ينهه الله عن قتلهم.
وروى الإمام أحمد والشافعي في مسنديهما مسند الإمام أحمد و مسند الإمام الشافعي رقم من حديث عبيدالله بن عدي بن الخيار أن رجلا من الأنصار حدثه أنه اتى النبي صلى
الله عليه وسلم وهو في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله" فقال الأنصاري: بلى يا
رسول الله ولا شهادة له قال: "أليس يشهد أن محمدا رسول الله" قال: بلى ولا شهادة له قال: "أليس يصلي الصلاة" قال: بلى ولا صلاة له قال: "أولئك الذين نهاني الله عن
قتلهم" فدل على أنه لم ينهه عن قتل من لم يصل.
وفي صحيح مسلم رقم عن ام سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن انكر فقد بريء ومن كره فقد سلم ولكن من رضي
وتابع" فقالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم فقال: "لا ما صلوا".
وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة
ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله". فوجه الاستدلال به من وجهين أحدهما أنه أمر بقتالهم إلى أن يقيموا الصلاة
الثاني قوله: "إلا بحقها" والصلاة من أعظم حقها.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ثم قد
حرمت علي دماؤهم وأموالهم وحسابهم على الله". رواه الإمام أحمد المسند وابن خزيمة في صحيحه رقم فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه امر بقتالهم إلى أن يقيموا الصلاة وأن
دماءهم وأموالهم إنما تحرم بعد الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فدماؤهم وأموالهم قبل بل هي مباحة.
وعن أنس بن مالك قال لما توفي رسول الله ارتد العرب فقال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل العرب فقال أبو بكر إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس
حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة". رواه النسائي وهو حديث صحيح.
وتقييد هذه الأحاديث يبين مقتضى الحديث المطلق الذي احتجوا به على ترك القتل مع أنه حجة عليهم فإنه لم يثبت العصمة للدم والمال إلا بحق الإسلام والصلاة آكد حقوقه على
الاطلاق.
وأما حديث ابن مسعود وهو لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث البخاري رقم مسلم رقم فهو حجة لنا في المسألة فإنه جعل منهم "التارك لدينه" والصلاة ركن الدين الأعظم
ولا سيما إن قلنا بأنه كافر فقد ترك الدين بالكلية وإن لم يكفر فقد ترك عمود الدين.
قال الإمام أحمد وقد جاء في الحديث لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة راجع طبقات الحنابلة وقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن
حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
¥