تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنقول الموت مخلوق خلقه الله لابتلاء عباده، يقول سبحانه سورة الملك الآية 2 الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا، ثم أيضا موت العبد إنما هو انتقال من الحياة إلى حياة أخرى، وليس هو إعدام لهذا الجسد بأنواع البكتيريا أو غير ذلك مما يتعلق به الفلاسفة ونحوهم، إنما هو أجل لحياته التي قدرها الله له في الدنيا، فمتى انتهى ذلك الأجل أذن الله له بالموت فيقبض الملك روحه، وينتقل إلى حياة برزخية بين حياة الدنيا وحياة الآخرة - بعد البعث - لها أحوالها الخاصة بها، علمنا منها ما بلغنا بالنصوص، وكثير منها لا نعلمه، يقول الله سبحانه سورة الأنعام الآية 61 وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ سورة الأنعام الآية 62 ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ويقول سبحانه: سورة الزمر الآية 42 اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.

وما ذكر من البكتيريا ونحوها ليست هي التي تنهي حياة العباد؛ بدليل أن أصحاء ماتوا من غير علة، وهناك مرضى عاشوا أزمانا يعانون المرض، وربما صحوا وشفوا ولم يموتوا، ونحن لا ننكر أن الله قد يقدر المرض سببا لموت هذا أو ذاك، لكن أسباب الموت كثيرة منها القتل، وحوادث السيارات، وغيرها كثير من الأسباب، ومع هذا نقول إنها أسباب، وليست هي التي أنهت حياة العبد.

ثم إني أوصي نفسي وإخواني بتقوى الله - عز وجل - في كل ما نأتي ونذر، وأحذر إخواني المسئولين في الصحف المحلية، بل وفي الصحف في العالم الإسلامي بأجمعه، أحذرهم من السماح لكل من هب ودب بالكتابة عن أمور الدين والشرع، والخوض فيها بغير علم، فإنهم مسؤولون عن هذا أمام الله - عز وجل - فليحذروا سخط الله وعقابه، وليتقوه حق تقواه، كذلك أيضا أدعو أخي كاتب هذه المقالة إلى أن يتوب إلى ربه، وأن يكف عن نشر مثل هذه المقالات التي تفسد على المسلمين عباداتهم، وليكن بعيدا عن الكتابة في أمور شرعية بضاعته فيها مزجاة، فإن العاقل يربأ بنفسه أن يخوض فيما لا يحسنه من أمور الدنيا وعلومها؛ لأن ذلك سبب للطعن فيه والتنقص منه، كيف والأمر متعلق بشرع الله، بغير علم؟! قول على الله بلا علم وهو من أعظم الجرم، ولا يعفي هذا الكاتب ولا غيره ممن هو مثله، أن ينقل كلام بعض العلماء من هنا وهناك، ففي كل قضية يلتقط الشاذ من الأقوال، ويتتبع الرخص، فإنه هذا لا يعفيه من التبعة؛ لأنه نقل كلام من لا يحسن فهم كلامهم، ولا يعرف طرائقهم في الاستدلال وعرض الأقوال ونقل الحجاج ونحو ذلك مما يدركه العلماء. ومعلوم أن من تتبع الرخص والشواذ خرج بدين ملفق لا يرضاه الله ولا رسوله ولا المؤمنون، لذا أثر عن بعض السلف " من تتبع الرخص تزندق " فالأمر عظيم، والخطب جسيم، وما دام المرء في عافية من أمره، فليحمد الله، وليمسك عليه لسانه وقلمه.

أسأل الله العظيم أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يمن علينا بالفقه في الدين، والتزام سنة سيد المرسلين، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يصلح نياتنا، وأعمالنا وذرياتنا، ويصلح لنا أحوال المسلمين في كل مكان، ويجعل لهم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير