تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الشبه التي يلقيها المستشرقون دعوى أن الإسلام إنما انتشر بالقهر و القوة و سفك الدماء،وأن المسلمين كانوا متوحشين يبطشون بالناس و يكرهونهم على الدخول فيه.

- قال نلسون: " و أخضع سيف الإسلام شعوب آسيا و أفريقيا شعبا بعد شعب "

- و يزعم لطفي ليفونيان " أن تاريخ الإسلام كان سلسلة مميتة من سفك الدماء و الحروب و المذابح " (7)

- أيضا أثارت دائرة المعارف الإسلامية هذه المسألة في معرض حديثها عن الجهاد:

" نشر الإسلام بالسيف فرض كفاية "

و هذا يحتمل معنيين أحدهما حق و الآخر باطل و هما: (8)

1 - إن كان المراد بتلك العبارة أن انتشار الإسلام إنما كان بإكراه الناس على الدخول فيه، فهو باطل مردود و تشهد له وقائع التاريخ.

2 - أما إذا أريد بالعبارة السابقة أن المسلمين استعملوا السيف لإزالة العقبات التي تحول دون دخول الناس عن طواعية في الإسلام، أو لإزالة العقبات التي لا تشجع على الدخول فيه و الكيانات و السلطات المستبدة، فهذا صحيح لا غبار عليه، و إن كانت تلك العبارة فيها غموض و لبس يؤديان إلى فهم معاكس للحقيقة، كما أن فيه تشويه لصورة الجهاد في الإسلام، و هذا يعمد و يهدف إليه المستشرقون.

قال الأستاذ المودودي رحمه الله موضحا تصوير أعداء الإسلام لمعنى الجهاد و تشويههم إياه:

" لقد جرت عادة الإفرنج أن يعبروا عن حكمة الجهاد بالحروب المقدسة - إذا أرادوا ترجمتها بلغاتهم – و قد فسروها تفسيرا منكرا و تفننوا فيه و ألبسوها ثوبا فضفاضا في المعاني المموهة الملفقة. و قد بلغ الأمر في ذلك أن أصبحت كلمة الجهاد عندهم عبارة عن شراسة الطبع و الخلق و الهمجية و سفك الدماء. و قد كان من لباقتهم و سحر بيانهم أنه كلما قرع سمع الناس كلمة الجهاد تمثلت أمام أعينهم صورة مواكب من الهمج المحتشدة متقدة صدورها بنار التعصب و الغضب تتطاير من عيونها شرار الفتك و النهب، عالية أصواتها بهتاف الله أكبر " (9)

و قال الأستاذ العقاد في معرض دفاعه عن السيف في الإسلام:

أولا: الاعتراف بأن في الإسلام سيف و هو قول صحيح إذا أراد قائله أنه دين يفرض الجهاد بالسلاح.

ثانيا: و قد غلط من قال بأن الإسلام قد انتشر بالسيف و استدل بعدة شواهد منها:

أ – أن الواقع الثابت أن المسلمين في مكة كانوا هم الضحايا و من عذبوا.

ب – أنه جعل حد السيف حقا مرادفا لحق الحياة ثم دافع عن هذه القضية بأنها كانت اضطرارا حتى لا يتخلى الإسلام عن حياته و حقه في الدعوة و الاعتقاد. (10)

لم يجد المستشرقون ما يقولونه حول المعجزة الربانية في انتشار الإسلام في فترة وجيزة لم و لن يشهدها تاريخ البشرية إلا أن يقولوا (إن الإسلام انتشر بالسيف)

و يكفي تكذيب هؤلاء تعريف الإسلام نفسه بأنه انقياد و خضوع للأوامر و اجتناب للنواهي عن رضا و اختيار، قال تعالى: " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " و قال تعالى: " لا إكراه في الدين " و من السنة " إنما أنا رحمة مهداة "

و الرحمة و الهداية ليس من لوازمهما الإكراه و إنما الرضا. (11)

إن قضية الجهاد في سبيل الله بالقتال لتأمين رسالة الدعوة و حمايتها و إقامة العدل قضية حق رباني و إن غايته من أشرف الغايات.

و لم ينتشر الإسلام إلا بسبب وضوح الإسلام و فطريته و المعاملة الحسنة التي كان يستخدمها أولو الأمر من المسلمين. (12)

إن وقائع و حقائق التاريخ الإسلامي- و هي وقائع و حقائق و ليست نظريات- تقول:

* إن الدعوة الإسلامية قد مكثت بمكة ثلاثة عشر عاما ـ أي أكثر من نصف عمر هذه الدعوة ـ يتحمل أهلها كل صنوف العذاب والتعذيب والحصار والفتنة في الدين، دون أية مقاومة مادية لهذا العذاب والتعذيب. بل إن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم كان يدعو للذين ينزلون به وبالمؤمنين هذا العذاب فيقول: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"!!.

و في هذا الوقت بالتحديد دخل مجموعة من عظماء مكة الدين الإسلامي أمثال أبي بكر وعثمان وسعد بن أبي وقاص وطلحة ثم عمر فهل هؤلاء دخلوا بالقوة في الإسلام؟؟ وأين القوه في ذلك الوقت ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير