تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالتصوير الآلي ليس فيه تشكيل ولا تخطيط ولا تفصيل، وإنما هو حبس للصورة الحقيقية التي خلقها الله -عز وجل- وأنقل هنا كلام الشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- في هذا أو بعض كلامه قال: رحمه الله:-" إذا كان التصوير بآلة فوتوغرافية فلا يدخل في التصوير ولا يستطيع الإنسان أن يقول: إن فاعله ملعون؛ لأنه لم يصور في الواقع فإن التصوير مصدر صور يصور فالمادة تقتضي أن يكون هناك فعل في نفس الصورة، ومعلوم أن نقل الصورة بالآلة ليس على هذا الوجه، وإذا كان ليس على هذا الوجه فلا نستطيع أن ندخله في اللعن، ونقول: إن هذا الرجل ملعون على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه كما يجب علينا التورع في إدخال مظاهر اللفظ عدم دخوله فيه يجب علينا التورع في منع ما لا يتبين لنا دخول اللفظ فيه؛ لأن هذا إيجاب وهذا سلب، فكما نتورع في الإيجاب نتورع أيضا في السلب، وكما نتورع في السلب يجب أن نتورع في الإيجاب، قال -: فالمسألة ليست مجرد تحريم ولكن سيترتب عليها العقوبة، فهل نشهد أن هذا معاقب باللعن وشدة الظلم، وما أشبه ذلك؟ لا نستطيع أن نجزم إلا بشيء واضح، ولهذا يفرق بين رجل أخذ الكتاب الذي خطته يده وألقاه في الآلة الفوتغرافية، وحرك الآلة فانسحبت الصورة، فيقال: إن هذا الذي خرج بهذا الورق رسم الأول ويقال هذا خطه، ويشهد الناس عليه، وبين أن آتي بخطك أقلده بيدي أرسم مثل حروفه وكلماته، فأنا الآن حاولت أن أقلدك وأن أكتب كما كتبت، وأصور كما صورت، أما المسألة الأولى فليس مني فعل إطلاقا ولهذا يمكن أن أصور في الليل ويمكن أن يصور الإنسان وقد أغمض عينيه، ويمكن أن يصور الرجل الأعمى فكيف نقول: إن هذا الرجل مصور؟ فالذي أرى أن هذا لا يدخل تحت اشتقاق المادة صور بتشديد الواو فلا يستحق اللعن ". انتهى كلامه رحمه الله.

هذه وجهة الفريقين في هذه المسألة، وعندما نريد الترجيح، أقول: إن الخلاف في هذه المسألة لا يرجع إلى الخلاف في أصلها، وهو حكم التصوير فجميع العلماء متفقون على تحريم التصوير، بل على أنه من كبائر الذنوب، لكن الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى تحقيق المناط، إلى تحقيق مناط المسألة، هل التصوير الآلي سواء كان فوتوغرافيا أو تليفزيونيا، هل هو داخل في التصوير المحرم شرعا؟ أو أنه غير داخل وإن سمي تصويرا في عرف الناس إلا أنه ليس تصويرا بالمعنى الشرعي؟ وجميع العلماء متفقون على أن تسمية الأشياء بغير حقيقتها لا تغير من الحكم شيئا فالعبرة بالحقيقة وليست بالأسماء؟

وحينئذ إذا أردنا أن نرجح في هذه المسألة وننظر إلى، فلا بد من النظر ليس إلى مسمى هذا العمل، وإنما إلى حقيقته، لا بد من النظر إلى حقيقة التصوير، وذلك بالنظر إلى العلة التي لأجلها حرم التصوير، فما هي العلة التي لأجلها حرم التصوير؟ ثم ننظر في مدى انطباق هذه العلة على هذا النوع من التصوير.

هناك علة منصوص عليها وتكاد تكون محل اتفاق بين العلماء، وهي المضاهاة بخلق الله، وقد جاء منصوصا عليها في حديث عائشة -رضي الله عنهاأن النبي صلى الله عليه وسلم قال): إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) -: متفق عليه، وفي حديث أبي هريرة يقول الله تعالى (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا شعيرة) متفق عليه، فإذا العلة المنصوص عليها هي علة المضاهاة، يعني المحاكاة والمشابهة لخلق الله

و هناك علة هي محل خلاف، وهي أن التصوير وسيلة للغلو في الصور، وربما جر ذلك إلى عبادتها وإلى تعظيمها من دون الله، لا سيما إذا كانت لمن يحبهم الناس ويعظمونهم، ممن جمع بين العلم والديانة أو نحو ذلك.

ولهذا كان شرك قوم نوح، وهو أول شرك وقع في بني آدم، كان بسبب الصور، لكن ما هي الصور التي وردت في قصة قوم نوح؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير