تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما القول بأن المصور يبذل جهدا وعملا، فهذا غير مؤثر في الحكم أيضا، كونه يبذل أو لا يبذل لا يؤثر المهم تحقق علة التصوير، هل تتحقق علة التصوير؟ سواء بذل جهدا أو لم يبذل، ولذلك فإن من ينظر إلى صورته في المرآة قد يبذل جهدا لكي ينظر إلى صورته في المرآة، فبذل الجهد أو عدم بذله لا يؤثر في الحكم في هذه المسألة، وأما ما ذكره أصحاب هذا القول بأن علة التصوير وهي المضاهاة تنطبق على هذا النوع من التصوير؛ لأن فيها مضاهاة شديدة فغير مسلم؛ لأن المضاهاة هي المحاكاة والمشابهة، ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؛ ولهذا فإن يعني الناس عندما يرون الصورة بالآلة لا يتعجبون، هم يعرفون أنها إنما نقلت بهذه الآلة لكن لو أن أحدا من الناس رسم صورة هذا الإنسان وكان رسمه دقيقا يتعجب الناس، كيف استطاع هذا الإنسان أن يرسم هذه الصورة، فالقول بأن علة المضاهاة متحققة غير صحيح، بل إنها غير متحققة؛ لأنها إنما هي في الحقيقة حبس للصورة الحقيقية التي خلقها الله عز وجل.

فالتصوير الآلي بأنواعه هو في الحقيقة شبيه لصورة الإنسان في المرآة إلا أن هذه الصورة قد ثبتت وعولجت بطرق كيميائية وطرق معينة فخرجت على هذا النحو.

ثم إن القول بتحريم التصوير الآلي يقتضي تأثيم أكثر الأمة، وأنهم قد ارتكبوا كبيرة من كبائر الذنوب، وأنهم ملعونون على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم- من يفعل مثل تلك الصور، وهذا القول فيه خطورة بالغة في أمر لم يتضح اتضاحا نستطيع أن نجزم معه بالتأثيم لأكثر الناس، ثم إننا قد قررنا أنه لا فرق بين التصوير الفوتوغرافي والتصوير التليفزيوني، وهذا يلزم منه أن كل من خرج في التلفاز سواء في القناة الإسلامية أو في غيرها، يلزم منه أنه يبيح التصوير بأنواعه؛ لأن مجرد خروجه يلزم منه ذلك، حتى وإن خرج في قناة إسلامية.

وكذلك أيضا من وجد في بيته تلفاز، يلزم منه أنه يرى هذا الرأي وإلا إذا كان يرى التحريم ومع ذلك أدخل التلفاز إلى بيته أو خرج في قناة يكون قد عرض نفسه للوعيد الشديد ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب، ونحن نرى الآن أن أكثر العلماء المعاصرين، يخرجون في القنوات فهذا يدل على أنهم يرون هذا الرأي، وإن كان هذا ليس مبررا في الحقيقة، ليس هذا تبريرا للقول بالجواز أو تأثرا بضغط الواقع، ولكن أقول يعني يشبه أن يكون هذا الرأي الأخير هو المستقر عند أكثر العلماء المعاصرين، إنما أوردت هذا الإيراد لأقول: إنه يشبه أن يكون هو الرأي المستقر في الآونة الأخيرة؛ لأن بعض الأمور عندما تأتي في أول الأمر لا تتضح اتضاحا كاملا ثم بعد مدة من الزمن يستقر فيها رأي من الآراء مثل الأوراق النقدية، أول ما خرجت وبرزت اختلف فيها أهل العلم اختلافا ظاهرا، ثم استقر الآن رأي العلماء المعاصرين على أنها نقد مستقل بذاته، وأن العلة فيها الثمنية، استقر هذا الرأي عند العلماء المعاصرين، فأقول:

يعني العلماء أكثر العلماء المعاصرين الآن أقول أكثرهم وليس جميعهم أكثر العلماء المعاصرين استقر عندهم هذا الرأي، ومع ذلك يبقى الرأي الآخر محل يعني تقدير، وقول لبعض الأفاضل والفقهاء، لكنني أقول: من يرى الرأي الثاني وهو تحريم التصوير فتلزم منه هذه اللوازم التي ذكرت، أنه لا يجوز أن يدخل التلفاز إلى بيته مطلقا ولو قناة إسلامية، وأنه لا يخرج في أي قناة مطلقا، هذا مما يلزم على القول الأول.

أما القول الثاني فأصحابه يقولون: إن هذا ليس هو التصوير المحرم شرعا، فنحن نتفق معكم على أن التصوير من كبائر الذنوب وأنه محرم لكن هذا ليس هو التصوير المحرم شرعا، وإنما هذا حبس للصور الحقيقية التي خلقها الله -عز وجل- بطريقة معينة تعالج بكيفية معينة، هذا هو باختصار حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة، وإلا الكلام يعني فيه أطول من هذا.

يبقى تبقى مسألة وهي أفلام الكارتون، هي في الحقيقية ليس فيها نقل للصورة الحقيقية التي خلقها الله -عز وجل- وإنما فيها تصوير باليد، فعلة المضاهاة فيها واضحة وظاهرة؛ لأن في أفلام الكارتون ترسم ذوات الأرواح، فهو من التصوير المحرم، لكن إذا كانت الفئة المستهدفة بهذه الأفلام، هم الأطفال الصغار، فالذي يظهر والله أعلم أن هذا لا بأس به؛ لما ورد من جواز ذلك بالنسبة للصغار، ونحن قلنا: إنه يتسامح في شأن الصغار بالنسبة للصور ما لا يتسامح في شأن الكبار، فإذا كان الفئة المستهدفة والمقصود من الأفلام الكرتونية الصغار، فالذي يظهر والله أعلم أخذا من حديث عائشة أن هذا لا بأس به.

وأما إذا كانت الفئة المستهدفة هم الكبار، فإن هذا لا يجوز، ولهذا فإن ما يرى من أفلام كرتونية ورسوم كاريكاتويرية هذه محرمة، وهذا مع الأسف يوجد حتى في بعض القنوات الإسلامية أفلام كرتونية تكون المستهدف فيها الكبار، وهذه لا تجوز، هذه من الصور الممنوعة المحرمة؛ لأنها في الحقيقة والمضاهاة فيها ظاهرة، وعلة التصوير منطبقة عليها تماما، وهي للكبار وليست للصغار.

وهكذا أيضا ما يوجد في بعض الصحف والمجلات من الرسوم الكاريكاترية، هذه الرسوم أيضا من الصور المحرمة؛ لأن المضاهاة فيها متحققة ..

والله تعالى أعلم

http://www.saad-alkthlan.com/text-142

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير