تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قواعد تبرد الأكباد عند سماع أخبار أهل الفساد والإفساد .. للشيخ الدكتور محمد موسى الشريف]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[08 - 04 - 10, 11:25 م]ـ

قواعد تبرد الأكباد عند سماع أخبار أهل الفساد والإفساد

الشيخ الدكتور محمد موسى الشريف

ظهر الفساد في هذا العصر ظهوراً مؤذياً عاماً لم يترك جهة إلا وولغ فيها، فهناك فساد سياسي وإعلامي واقتصادي واجتماعي وأخلاقي، وكل هذا له أثره الكبير في شيوع اليأس والقنوط عند جمهور كبير من الصالحين والعاملين، ولابد من التذكير بجملة من القواعد معينة على الوقوف أمام هذا الفساد، بل مقاومته وتحطيمه إن شاء الله تعالى:

أولاً:

هذا الفساد الطاغي يصاحبه الأمل الزاهي والمبشرات الكثيرة بقرب التمكين إن شاء الله تعالى، ولهذا حديث طويل جليل لا أجد له مكاناً فسيحاً ها هنا لكنه واقع قائم مشاهد وهو أيضاً مستقبل متوقع إن شاء الله تعالى، وحديث الأمل والمبشرات يطفئ الحرارة الناشئة من سماع أخبار الفساد، ويبعد عنا شبح اليأس والقنوط، فالأمل هو الجزء الأكبر من العمل.

ثانياً:

هؤلاء الفاسدون والمفسدون هم جزء من المعركة الطويلة بين الخير والشر، وهي باقية ما بقيت الأرض -والله أعلم- نعم إن عاقبة هؤلاء الاندحار والهوان لكنهم موجودون باقون على درجات مختلفة من القوة والضعف، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أن الجهاد ماضي إلى يوم القيامة".

ثالثاً:

هؤلاء قد سُلطوا علينا بسبب ذنوبنا ومعاصينا، وبسبب تخاذلنا عن العمل لدين الله ونصرة شريعته، وبسبب قلة تضحياتنا وقلة بذلنا وعطائنا، بينما هؤلاء يدعمون من قوى ضخمة داخل العالم الإسلامي وخارجه، وهم يحاربوننا بلا كلل ولا ملل ولا هوادة، بينما نجد أن معظم الصالحين ليس لهم عمل مؤثر قوي، وتضحياتهم وعطاءاتهم تكاد تكون نزراً يسيراً، فلا نلقي بالتبعة إلا على أنفسنا وتفريطنا، ولو كنا أقوياء لخنس هؤلاء ولصاروا في مكانهم الذي يستحقونه في مزبلة التاريخ، وفي هذا يقول جل من قائل: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم} ويعبر عن هذا الفاروق رضي الله عنه أحسن تعبير حين قال: "أعوذ بالله من جلد الفاجر وعجز الثقة".

رابعاً:

هؤلاء الفاسدون في القبضة الإلهية يفعل بهم سبحانه ما يشاء، وهو القادر على محقهم وإزالتهم بكلمة "كن" وإنما سلطهم علينا لحكم كثيرة، منها ما ذكرته في الجانب السابق، ومنها ما يعبر عنه قوله تعالى: {ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض}، فلنفهم هذا فإنه معين لنا في معركتنا الطويلة مع هؤلاء.

خامساً:

إن الأمر لله من قبل ومن بعد، والكون كونه، والخلق خلقه، وهؤلاء هم من جملة القضاء والقدر، ومن أمر الله تعالى الكوني القدري الذي لا نعترض عليه فيه سبحانه إنما وظيفتنا المغالبة كما قال عمر رضي الله عنه: "نفر من قدر الله إلى قدر الله"، فلنسلم تسليماً له سبحانه، ولا يعني هذا التسليم عدم المغالبة إنما هو أمر في دواخل المؤمنين يصب عليهم السكينة والطمأنينة، وينزل عليهم برد اليقين، ولقد كان المصطفى الأعظم صلى الله عليه وسلم تنزل عليه المصائب العظام، والأحداث الجسام فلا تؤثر في ثباته وقوته، ولا تزعزع من جده واجتهاده، مع تسليم تام ويقين كامل ورضى ليس بعده رضى صلى الله عليه وسلم.

سادساً:

لابد من العمل الجاد في الدعوة إلى الله وتربية الأجيال الناشئة على الإسلام فهذا أعظم عمل موجه ضد أهل الفساد والإفساد، ولابد أيضاً من الإنكار عليهم بكل ما أوتينا من قوة وبالوسائل الشرعية للإنكار، وإلا نصنع فإننا لا ننتظر إلا غضب الله علينا والعياذ بالله: {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون} فقد نجى الله تعالى من أمر ونهى أما من تخاذل ورضي وتابع ووافق فقد أخذه جل جلاله في جملة من أخذ من الظالمين.

سابعاً:

الدعاء برفع الفساد ودحر المفسدين والفاسدين، فالدعاء سلاح المؤمن كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وله نتائج جليلة، وهو التجاء إلى الركن الشديد الذي لا يستطيعه المفسدون، ولا يقدر عليه أهل الشر والفساد.

ثامناً:

ألا يرضينا أننا ـ إن شاء الله ـ جند الله، وهؤلاء هم جنود إبليس؟

ألا يفرحنا أننا سبب للخير وهم سبب لإيقاع الشر والفساد؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير