وقوله: (هم منهم) أي: هم في حكمهم، في جواز قتلهم، إذا لم يمكن التمييز بينهم، ولم يتعمد قتلهم، وبهذا قال جمهور الفقهاء [36] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn36).
خامسا: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: (إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: (إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما) [37] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn37).
فنهى عن القتل باستعمال النار، وبعض أسلحة الدمار شامل تحرق كما تحرق النار، بل أشد، فتكون أولى بالتحريم.
ويمكن أن يجاب عن هذا بأن هذا الحكم من حيث الأصل، ولكن لو فعلوا بنا ذلك، كان لنا الحق في دفع اعتدائهم بالمثل [38] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn38).
سادسا: أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، وجه ذلك أن تصنيع مثل هذه الأسلحة فيه مفاسد ظاهرة على البيئة والإنسان، كما أن تخزينها ليس بالأمر الهين، فإن تسرب بعض هذه المواد يسبب حوادث خطيرة، وانتشاراً لأمراض مستعصية، وما حادثة تشرنوبيل عنا ببعيد، ولا زالت آثارها إلى يوم الناس هذا [39] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn39).
ويجاب عن هذا بأن هذه القاعدة مسلمة إذا كانت المفاسد أعظم من المصالح، وأما إذا كانت المصالح أعظم، فإن تحصيلها مقدم على درء المفاسد، كما أنه إذا أمكن تحصيل المصالح ودفع المفاسد، فعلنا ذلك [40] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn40).
وجه آخر: أن هذه الأسلحة ليست شرا محضا، بل كما تستعمل في القتال، فإن لها استعمالات مفيدة في نواحي شتى، في الزراعة، وتوليد الطاقة، ومحاربة الأمراض والأوبئة، وغير ذلك من المباحات التي تقوم عليها الحياة.
القول المختار:
والذي أختاره هو القول الأول، وهو وجوب اتخاذ هذه الأسلحة، ولكن لا بد في ذلك من ضوابط؛ مراعاة لما ورد في القول الثاني:
الأول: ألا يندفع العدو إلا بها، قال الموفق: "أما العدو فإذا قدر عليه، فلا يجوز تحريقه بالنار بلا خلاف نعلمه" [41] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn41).
الثاني: ألا يترتب على استعمالها ضرر على المسلمين؛ فإن دفع المفاسد أولى من جلب المصالح، إلا إذا كانت مصلحة استعمالها تفوق مفسدتها.
الثالث: أن يكون استعمالها بقدر الحاجة؛ من أجل الاستفادة مما يخلفه العدو من أموال وعتاد، وهي غنائم الحرب.
الرابع: أن يتقى في استعمالها الأماكن المأهولة بالنساء والأطفال، إلا على سبيل المعاقبة بالمثل، أو على سبيل التبع، وعدم إمكان تجنبهم.
شبهة وجوابها:
فإن قيل: إن الإسلام دين الرحمة، فكيف تسوغون استعمال هذه الأسلحة؟
فالجواب ما قاله الشيخ محمد رشيد رضا: "نعم إن الإسلام دين الرحمة ... ولكن من الجهل والغباوة أن يعد حرب الأسلحة النارية للأعداء الذين يحاربوننا بها من هذا القبيل، بأن يقال: إن ديننا دين الرحمة، يأمرنا أن نحتمل قتالهم إيانا بهذه المدافع، وأن لا نقاتلهم بها؛ رحمة بهم، مع أن الله أباح لنا في التعامل فيما بيننا أن يجزى على السيئة مثلها، عملا بالعدل، فقال: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) أفلا يكون من العدل، بل فوق العدل في الأعداء، أن نعاملهم بمثل العدل الذي نعامل به إخواننا؟! " [42] ( http://www.manareldjazair.com/index.php?option=com_*******&view=article&id=555:2009-12-10-20-26-44&catid=17&Itemid=179#_ftn42).
¥