تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - محاكاة أصواتهم،أو هيئاتهم الخلْقية أو الخُلُقية بغرض السخرية والاستهزاء،وغيبتهم والطعن فيهم: وهذا ـ عياذاً بالله ـ من الكبائر العظيمة، والتي قد تصل إلى حد الكفر كما وقع للمنافقين الذين قالوا عن علماء الصحابة: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ـ أي علمائنا ـ أرغب بطوناً،ولا أكذب ألسنا،ولا أجبن عند اللقاء.

وإذا كانت الغيبة والسخرية بآحاد الناس محرمة،فما بالك بالعلماء؟! ويخشى على فاعل ذلك من العقوبة الدنيوية والأخروية،يقول ابن عساكر رحمه الله: (اعلم ـ وفقني الله وإياك لمرضاته ـ وجعلني وإياك ممن يتقيه حق تقاته،أن لحوم العلماء مسمومة،وعادة الله في هتك أستار منتقصهم معلومة، وقَلَّ من اشتغل في العلماء بالثلب، إلا عوقب قبل موته بموت القلب ?فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ?ا هـ.

3 - تتبع أخطائهم وزلاتهم،ونشرها في كل مجلس،وعند كل أحد: إننا ـ معاشر الإخوة ـ لا ندعي العصمة لأحد غير الأنبياء،ولكن لا يجوز أن يُعاملَ ورثة الأنبياء بمثل هذا،وليس كل أحد يتكلم عليهم ويرد عليهم،بل الرد عليهم يكون من أهل العلم،وبالعدل والعلم لا بالظلم والجهل،اللذان هما سبب ضياع الأمانة التي حملها الإنسان،على أن العالم إذا اجتهد واتقى الله ما استطاع فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجرٌ واحد.

وليت أحدنا إذا بلغه عن أحد من العلماء ما يستغربه أن يتصل به،أو يراسله،ليستوضح الأمر،فقد يكون كذباً من أصله وما أكثر هذا،أو يكون للعالم عذره الشرعي عند الله،أو يكون في الأمر تفاصيل خفيت أثرت على فهم الموضوع.

4 - ومن مظاهر تنقصهم: الجرأة على تخطئة فتاواهم عند سماعها أو قراءتها: ويتضح ذلك إن كانت الفتوى تخالف شهوة أو شبهة في نفس المتكلم ‍‍!! والعجب أن هؤلاء المخطئين ليسوا ممن عرف بطلب العلم عند أهله،بل لو فتشت في علم أولئك لوجدتهم يجهلون أحكاماً لا تبرأ الذمة بجهلها، مع أنها مما يتقنه صبيان المدارس! وأعجب من ذلك: أن أولئك لو أراد أحدُهم أن يبني بيتاً له، أو يصلح سيارته لسارع إلى أهل الخبرة في ذلك الشأن،أما في أمور دينه فيجعل كلام أهل العلم معروضا على ما تهواه نفسه،أو ترضاه شهوته، إن هذا لشيء عجاب!!!.

وللحديث بقية،نفعني الله وإياكم بهدي كتابه،وسنة نبيه ?،والحمد لله رب العالمين

الخطبة الثانية

الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه،كما يحب ربنا ويرضى،وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ما اتصلت الدنيا بالأخرى،أما بعد: فمن مظاهر تنقص العلماء: الفرح والاستبشار بمرضهم،وتمني موتهم،بل والدعاء عليهم بذلك: عياذاً بالله من ذلك.

إن المسلم إذا سمع عن مرض أخيه المسلم أو وفاته لهج بالدعاء له،فكيف إذا كان المريض أو الميت عالماً من علماء أهل السنة؟ أين هؤلاء من قول أيوب الستخياني رحمه الله ـ وهو أحد أئمة التابعين ـ: "إني أُخْبرُ بموت الرجل من أهل السنة،فكأني أفقد بعض أعضائي "؟ فإذا كان هذا شعوره عند موت الرجل العادي فما ظنك بشعوره عند موت العالم؟! ولهذا قال أيوب نفسه: "إن الذين يتمنون موت أهل السنة،يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ".

ويقول شيخنا ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: " إن فقد العالم ليس فقداً لشخصيته فحسب،ولكنه فقد لجزء من تراث النبوة،جزء كبير بحسب ما قام به هذا العالم المفقود من التحقيق،فوالله إن فقد العالم لا يعوض عنه مال ولا عقار ولا متاع ولا دينار،بل فقد مصيبة على الإسلام والمسلمين،لا يعوض عنه إلا أن ييسر الله من يخلفه بين العالمين،فيقوم بمثل ما قام به من الجهاد،ونصرة الحق،وإن فقد العلماء في مثل هذا الزمان ـ وما زال الكلام له رحمه الله ـ لتتضاعف به المصيبة؛لأن العلماء العاملين أصبحوا ندرة قليلة بين الناس، وكثر الجهل والتشكيك والإلباس،ولكننا لن نيأس من روح الله،ولن نقط من رحمته،فلقد أخبر الصادق المصدوق محمد ?: أنه لن تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين،لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله،وهم على ذلك "ا هـ كلامه رحمه الله ().

إذا تبين هذا ـ يا عباد الله ـ فإن من مما يندى له الجبين،أن يسمع في بعض المجالس أو يقرأ الإنسان في بعض الصحف: اللمز والطعن على أمثال هؤلاء العلماء،ليس في حياتهم فحسب،بل وبعد وفاتهم ‍! وإذا كان سب الواحد من المسلمين الذي ثبت عليه الخطأ منهياً عنه،كما في البخاري من حديث عائشة ? أن النبي ? قال:"لا تسبوا الأموات،فإنهم أفضوا إلى ما قدموا "،إذا كان هذا في حق من ثبت خطؤه،فما بالك بالعالم الذي هو بين الأجر والأجرين،لا ريب أن سبه أقبح وأعظم، وجدير بالمصرين على مثل هذا الخلق القبيح أن يهجروا إن كانوا أشخاصاً، وأن يقاطعوا إن كانوا صحفاً أو قنواتٍ فضائية، لأن في ذلك قطعاً لدابر هذه الفتنة العظيمة، الذي يتعدى ضررها على الأمة كلها، وحدثوني بالله عليكم، أي قيمة للأمة إذا لم تحترم علماءها؟! وممن يأتي النقد؟! يأتي من أناس حدثاء الأسنان، لا يعرفون بعلم،ولم تشهد لهم الأمة بجهاد أو بلاء،ولهؤلاء يقال:

متى كنتم أهلاً لكل فضيلة ـــ متى كنتم حرباً لمن حاد أو كفر

متى دستمُ رأس العدو بفيلق ـــ وقنبلةٍ أو مدفعٍ يقطع الأثر

تعيبون أشياخاً كراماً أعزةً ـــ جهابذةً نور البصيرة والبصر

فهم بركات للبلاد وأهلها ـــ بهم يدفع الله البلاء عن البشر

اللهم احفظ علماء السنة في كل مكان،اللهم أعل مكانتهم،وارفع درجتهم،اللهم من أراد علماء السنة بسوء فأشغله بنفسه،واجعل كيده في نحره،اللهم ارحم من مات منهم،وبارك في الأحياء وأعنهم على القيام بما أوجبته عليهم من البلاغ والنصيحة، اللهم وفق ولاة أمورنا لكل خير،واجعلهم مفاتيح خير، ومن مغاليق الشر، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة،اللهم اعز الإسلام والمسلمين …،اللهم انصر المجاهدين …،اللهم عليك بأعداء….

وهاهي على ملف وورد لمن أراد طبعها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير