مقصودي أن الأولي يعادون الإسلام ويدعوننا إلى النصرانية كاذبون، ويتضح كذبهم أكثر حين تنظر إلى قولهم في شخص رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
قالوا مجنون!!
وأين دليلهم؟!
ينقلون عن بعضهم. وكله إفك يفترونه من عند أنفسهم، كذب يكذبونه. فلم يتكلم أحد ممن عاصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عقله أو في خلقه، حتى الأعداء الذين حاربوه، لم يتهمه أحد بشيء في خلقه أو عقله، إلا هؤلاء الكذبة.
أنى لمجنونٍ أن يأتي بمثل هذا؟!
قد كان أعقل الناس بأبي هو وأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، دانت له العرب والعجم وكل من قام له في زمانه، وأقام دولة لم تذهب إلى يومنا هذا. ووقف التاريخ عنده فصار ينسب إليه يقول قبله وبعده. مجنون هذا؟!
لا والله بل أعقل الناس.
دعوى الجنون من هؤلاء لا دليل عليها غير نصوصٍ مكذوبة، وتحريفات في نصوصٍ ثابتة، يأتون بالنص الثابت فيحرفون فيه حتى يخرجوه عن معناه الصحيح ثم بعد ذلك يستدلون به، وهو كذب ولا شك
ومرة قالوا: بل تنزلت به الشياطين، {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ {210} وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: 210 ـ 211]، وفي القرآن الكريم ذم للشيطان الرجيم وبيان أنه عدو مبين، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} فاطر6، وقال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} الإسراء53
ونستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إن قرأنا كتاب ربنا أو أكلنا أو شربنا، أو مشينا أو جلسنا، نسمي الله ونستعيذ به من الشيطان، فكيف يكون هذا حديث الشياطين؟!
وما دليل من يتكلم؟!
لا شيء غير كذب يلقي به علينا
وكذابون
لم أر حال تدبري في حال مَن يدعوننا للنصرانية فساداً في القول فقط، وإنما فساداً في القائل أيضاً، رأيت نفراً لا يريدون الحق، رأيتهم أجمعوا أمرهم على رفض الحق، ثم هم يركبون ما يستطيعون وصولاً إلى هذا الهدف. إنها حالة من معاداة الحق وليست حالة من إظهار الحق للناس. يتضح ذلك بأمور:
منها: تعاطي الكذب والإصرار عليه، (يوحنا الدمشقي) تعاطى الكذب وأصر عليه، وزكريا بطرس تعاطى الكذب وأصر عليه، وقد عددت بعضاً من أكاذيب زكريا بطرس في مئات الصفحات، وهو كالمستنقع الآسن على طرف القرية يلقي فيه كل قاذوراته، فبطرس يكرر أكاذيب من قبله ومَن حوله. ألا ما أشقاه ..
إنهم متفقون على الكذب الصريح، والتحريف والتأويل الفاسد (الكذب غير الصريح).
ولا تحسب أني متحامل عليهم، بل هذه هي الحقيقة التي وجدتها في كل صفحات التاريخ، ما دخلت بلداً ولا حقبة في تاريخ هؤلاء إلا وجدتُ نفراً منهم بليلٍ يتآمرون كيف يصدون الناس عن هذا الدين؟!
هم استكتبوا يوحنا الدمشقي، أو كتبَ وعلموا منه الكذب ورضوا بأكاذيبه، ودرسوها لقومهم على أنها هي الإسلام، وهم ترجموا القرآن ترجمة مشوهة، لا تمت للقرآن الكريم بصله كما يشهد بعضهم، وهم قدموا الإسلام للناس على أنه انحراف نصراني ظهر بين العرب، وما كان انحراف نصراني لا بكثير ولا بقليل. وحين فشلت الحملات الصليبية وقرر نصارى الكاثوليك مواجهة الإسلام فكرياً راحوا يدرسون الإسلام من خلال كتابات (يوحنا الدمشقي) ومخرجات دير (مار سابا)، وهو دير معادي لهم في ملتهم، خربته إحدى حملاتهم الصليبة (تحديداً الحملة الثالثة وحملت عظام [القديس] سابا إلى بلادهم ولم تعد إلا من قريب)، وراح (ريموند لول) والذين جاءوا من بعده ينقلون لقومهم كتب الأدب والشعر على أنها ما بأيدي العرب (المسلمين)، وشعر الجاهلية وليس فقط شعر الإسلام، وراحوا يقرءون التاريخ بعينهم هم ويدخلون فيه الحركات الشاذة على أنها كانت جادة صنعت الحدث، حاولوا تشويه كل شيء، قدموا الإسلام من خلال الشعر الجاهلي وشعر الغزل والحماسة، وقدموا الشرق على أنه (عرب) و (فرس) (وهند) و (ترك) .. ، وبعد حين زعموا أن للنصرانية دور في الفكر الإسلامي، وقد ترى هذا غريباً منكراً، ولكنه كثير في أطروحاتهم، بل محورٌ رئيسي يسير عليه جمهورهم، ولك أن تراجع ما كتبه (لويس شيخو) في (شعراء النصرانية) و ما كتبه (جورج غراف) ومن جاءوا بعدهم،
¥