تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ألا تلجأ إلى من لجأ إليه يونس عليه السلام عندما كان في الظلمات الثلاث في بطن الحوت وفي وسط البحر وفي الظلام ثم قال: لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين؛ فأخرجه الله عز وجل من بطن الحوت وأنبت عليه تلك الشجة من اليقطين وجعله يكبر، ويجعله ينشأ شيئًا فشيئًا حتى رد الله عليه عافيته وأرسله إلى مئة ألفٍ أو يزيدون؟

ألا لجأت إلى هازم الأحزاب ومنشئ السحاب ومنزل الكتاب؟

ألا لجأت إلى من يناديك صباح مساء: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} - (غافر: 60)؟

ألا تلجأ إلى من هو أرحم بك من نفسك؟

ألا تلجأ إلى من يعطي الكثير ويهب الجزيل؟

ألا تلجأ إلى من ينادي عباده في كل يوم ويدعوهم إلى التوبة والمغفرة والاستغفار؟

ألا تلجأ إلى من يدعوك إلى طريق الهدى والصلاح فتسلكه فتنجو في الدنيا والآخرة؟

أم أنك كلما ضاقت عليك الأرض بما رحبت لجأت إلى معالجة الداء بالداء؟

إن الأمر جد خطيرٍ يا عبد الله! هل يلجأ المرء إلى عدوه لينصره؟

هل يلجأ أحد إلى الشيطان من أجل أن يصبره؟

إن البيوت تغص بهؤلاء الذين تصيبهم الحالات النفسية والاضطرابات العصبية والجنون وضعف العقل أو فقده، كل ذلك مردُّه إلى ضعف الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} - (الأعراف: 96)،

كيف تترك الدواء وهو في متناول يدك يا عبد الله؟

كيف تترك الدواء وهو قريب منك ولا يكلفك أثمانًا باهظة ولا مستشفيات ولا صيدليات؟

أنا لا أقول لك إنك لا تتداوى، ولكن تداوى بما أباح الله لك، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتداوي، ولكن نهانا أن نتداوى بما حرم علينا، فالدواء موجودٌ لمن أرداه.

ومن ألوان الأدوية التي هي في متناول اليد يا عبد الله:

أولًا: إعادة النظر في علاقتك بربك .. إعادة النظر في علاقتك مع ربك من حيث لزوم طاعته والبعد عن مساخطه، فإن هذا أعظم سلاح، وأعظم دواء، وأعظم خيرٍ، وأعظم طريقٍ ينجيك الله تعالى به من هذه الأدواء في الدنيا والآخرة، أن تبادر إلى التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، والتعلق به، أن تبادر التوبة والاستغفار واللجوء إلى الله تعالى والتعلق به والانطراح بين يديه ولزوم طاعته، وكذلك البعد عن معاصيه، والبعد عن أسباب الهلاك التي ربما أوقعته .. يعني تلك الأشياء التي إذا وقع فيها تبعده عن الله، ولكن عليه أن يتناول ذلكم الدواء:

المبادرة إلى طاعة الله، والبعد عن المعاصي والذنوب التي تقسي القلب وتبعده عن الله، التوبة الصادقة إلى الله من جميع الذنوب والخطايا؛ فإن التوبة الصادقة النصوح التي توافرت شروطها من:

الإقلاع من الذنب والعزم على عدم العودة والندم على ما فات ورد حقوق الناس التي عنده،

إذا تحقق ذلك تحققت توبتك وزالت حوبتك وقرُبت من ربك الذي يناديك كلما بعدت عنه ويناجيك ويطلبك لتعود إليه، ويحثك ويرغبك: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} - (الزمر: 53)، وها هو يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا} - (التحريم: 8) ويقول تبارك وتعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} - (النور: 31)، ويقول تبارك تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ} - (النساء: 17)، ويقول جل وعلا: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} - (الفرقان: 70) إلى غير ذلك من الآيات التي تحض على التوبة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يعدون له في اليوم من التوبة والاستغفار أكثر من سبعين مرة، وفي رواية: أكثر من مئة مرة، فتأسَّى به يا عبد الله فإنه ما وقع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير