فإن خاف الشوك إن خلع نعليه فلا بأس بلبسهما للحاجة ولا يدخل في هذا الخفاف لأن نزعها يشق وفي التمشكات ونحوها وجهان أحدهما هي كالنعل لسهولة خلعها والثاني لايستحب لأن خلع النعلين تعبد فيقصر عليهما.الكافي (1/ 275)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/ 343)،فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/ 123) السؤال الثاني من الفتوى رقم (10510)
وذهب الشيخ بن باز إلى تحريم ذلك فقال:ولا يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إلا عند الحاجة، مثل وجود الشوك في المقبرة، أو الرمضاء الشديدة، أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه، كما أنكر صلى الله عليه وسلم على صاحب السبتيتين، ويعلم الحكم الشرعي.مجموع فتاوى ومقالات ابن باز (13/ 355)
ودليل القول الأول:
حديث بشير بن معبد الصحابي المعروف بابن الخصاصية قال " بينهما انا أماشى رسول الله صلي الله عليه وسلم نظر فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان فقال يا صاحب السبتتين ويحك الق سبتتيك فنظر الرجل فلما عرف رسول الله صلي الله عليه وسلم خلعهما " رواه أبو داود والنسائي.
ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التواضع واحترام أموات المسلمين.كشاف القناع عن متن الإقناع (2/ 141)
والقول الثاني: الإباحة،وعدم الكراهة،وهذا قول الجمهور (الحنفية،والمالكية - وذهب ابن حبيب إلى أنه يكره بالنعال ولا يكره بالخفاف والشمسكات -،وهذا القول هو المشهور من مذهب الشافعية)
راجع: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح - (1/ 412)،مواهب الجليل لشرح مختصر خليل - (2/ 253)،المجموع - (5/ 312)
دليل القول الثاني:
حديث أنس رضى الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال " العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم اتاه ملكان فاقعداه إلي آخر الحديث " رواه البخاري ومسلم
(وأجابوا) عن الحديث الاول حديث (بشير بن الخصاصية) بجوابين:
(أحدهما) وبه أجاب الخطابي انه يشبه انه كرههما المعنى فيهما لان النعال السبتية – بكسر السين - هي المدبوغة بالقرظ وهى لباس أهل الترفه والتنعم فنهي عنهما لما فيهما من الخيلاء فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر علي زي التواضع ولباس أهل الخشوع. معالم السنن (1/ 316)،قال أبو عبيد كانوا في الجاهلية لا يلبس النعال المدبوغة إلا أهل السعة.فتح الباري (10/ 308)
(والثانى) لعله كان فيهما نجاسة قالوا وحملنا علي تأويله الجمع بين الحديثين *
ورد أصحاب القول الأول على هذين الجوابين:
الرد على الجواب الأو ل:
فقال الحافظ بن حجر: وأما قول الخطابي يشبه أن يكون النهي عنهما لما فيهما من الخيلاء فإنه متعقب بأن بن عمر كان يلبس النعال السبتية ويقول أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلبسها وهو حديث صحيح.فتح الباري (3/ 206)
وقال الشوكاني:وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها. نيل الأوطار (4/ 136)
الرد على الجواب الثاني:
قال أبو محمد: وقال بعض من لا يبالي بما أطلق به لسانه فقال: لعل تينك النعلين كان فيهما قذر *
قال أبو محمد: من قطع بهذا فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قوله ما لم يقل، ومن لم يقطع بذلك فقد حكم بالظن، وقفا مالا علم له به، وكلاهما خطتا خسف نعوذ بالله منهما *المحلى (5/ 137)
القول الثالث:الإباحة ماعدا النعال السبتية فتمنع.وهذا قول الظاهرية.
قال أبو محمد بن حزم: ... فصح إباحة لباس النعال في المقابر، ووجب استثناء السبتية منها، لنصه عليه السلام عليها * المحلى (5/ 137)
وردَّ على هذا القول:
فقال الحافظ بن حجر: وأغرب بن حزم فقال يحرم المشي بين القبور بالنعال السبتية دون غيرها وهو جمود شديد.فتح الباري (3/ 206)
الترجيح:
لا شك أن القول الأول هو الصواب إن شاء الله تعالى لقوة الدليل المنطوق الظاهر،وتقديمه على المفهوم،هذا عند التعارض،وأما على سبيل الجمع وهو المقدم أن النهي المطلق الذي ورد في حديث بشير بن الخصاصية يحمل على الكراهة لا التحريم،لحديث أنس في الصحيحين،وهذا الأخير هو اختيار الحافظ بن حجر. فتح الباري (3/ 206)
سبب الكراهة:
¥