فإن ما فعلت من رفض كتابة هذه الأوراق المشتملة على ما حرم الله سبحانه وتعالى، ومن إنكارك على مديرك هو واجبك الشرعي، فلا تأثم بذلك بل تؤجر عليه، ويحرم عليك طاعته في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعن علي رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية فاستعمل رجلاً من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب، فقال: أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني، قالوا: بلى، قال: فاجمعوا لي حطباً فجمعوا، فقال: أوقدوا ناراً فأوقدوها، فقال: ادخلوها فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضاً ويقولون: فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار، فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة، الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وتأثم إذا قمت بكتابة تلك الأوراق لأنك حينئذ تعد معيناً على الإثم، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وبخصوص سؤال الشق الثاني فهل من يحسبون الفوائد ويكتبونها ويوقعون على شيكات متضمنة فوائد بنوك ربوية ... إلخ يقعون جميعاً تحت كبيرة الربا؟ فالجواب: أن كل هؤلاء يدخلون تحت من يعين على كبيرة الربا، وينسحب عليهم الوعيد المذكور في حديث جابر، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم.
ولا يعدون مرتكبين للربا بالفعل إلا المدير الذي بيده القرار النهائي فهو واقع في كبيرة الربا لأنه بتوقيعه يعد منشئا لعقده وموافقاً عليه ..
أما المرتبات فما كان منها مقابل عمل مباح فهو مباح ولو كان قادماً من البنك الربوي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 10398، والفتوى رقم: 23520 ..
وما كان مقابل عمل محرم فهو محرم يجب التخلص منه بصرفه في المصارف الخيرية كالفقراء والمساكين بنية التخلص من الحرام لا بنية الإنفاق في سبيل الله لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن استطعت أن تجد لك عملاً تنتقل إليه فابحث عنه وانتقل إليه، وإن لم تستطع أن تجده وكنت محتاجاً إلى عملك هذا فابتعد عن كتابة كل ما يشتمل على محرم مثل كتابة الفوائد الربوية، وإذا ألجئت إلى كتابتها إلجاء ولم تجد بدا منه وأنت محتاج فالنصيحة أن تجتهد في إخراج نسبة من مرتبك مقابل ما يحصل منه من طريق محرم تطهيراً له.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
****************************
رقم الفتوى: 117468
عنوان الفتوى: حكم العمل في شركة تأخذ قروضا ربوية
تاريخ الفتوى: 01 صفر 1430/ 28 - 01 - 2009
السؤال
شيخنا الفاضل .. نحن مجموعة من الشباب نعمل في شركة تتاجر في بيع نوع من البضاعة وللأسف وكغيرنا من الشركات فإن تعاملاتنا الأساسية في الربا حيث إننا نشتري البضاعة عن طريق البنوك الربوية حيث إننا نفتح للأسف اعتمادات ربوية تسدد في الغالب بتأخير يكون عليه ترتُُُب فوائد ربوية ..
وهنا السؤال: أولاً: ما حرمة ما نحن فيه جميعاً بالشركة من المدير ومروراً بمساعد المدير ورؤساء الأقسام وحتى العامل!!
ثانياً: هل للربا درجات أي أن الذي يعمل بها مباشرة مثل المدير العام ومساعده ورئيس قسم المحاسبة، ومن يدونها ويسأل عن فوائدها باستمرار كالذي فقط يعلم أن شركته تعمل بالربا, أو حتى الذي لا يعلم بذلك؟
ثالثاً: نحن جميعاً بإذن الله ننكر ذلك المنكر في قلوبنا وقد نكون نتمنى أو أحياناً نسعى لترك الوظيفة فهل نحن الآن نأكل ونطعم أولادنا وأهلينا من الحرام.
رابعاَ: إذا كنّا نعتقد أنه يترتب علينا ضرر في حال اتخاذ قرار حاسم كأن يتم إلغاء إقامتنا في الخليج؛ أو بقائنا بدون عمل فترة من الزمان، نرجو منكم إفادتنا بتفصيل شاف بذلك؟ ولكم جزيل الشكر عنا جميعا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
¥