قال ابن القيم " فجهاد الدفع يقصده كل أحد , و لا يرغب عنه إلا الجبان المذموم شرعاً وعقلاً , و جهاد الطلب الخالص لله يقصده سادات المؤمنين" 9
ختم المؤتمر نتائجه بخاتمة غير حسنة فقرر أن " مفهوم الولاء و البراء لا يكون مخرجًا من الملة ما لم يكن مرتبطًا بعقيدة كفرية " وهذا مسخ لعقيدة الولاء و البراء، و إسقاط لأوثق عرى الإيمان، فماذا يقولون عمن أطاع الكفار في التشريع، و أظهر الموافقة لهم؟ قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} آل عمران 100.
قال القاضي عياض: " و كذلك نكفّر بكل فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلا من كافر، و إن كان صاحبه مصرحًا بالإسلام مع فعله ذلك كالسعي إلى الكنائس و البيع مع أهلها بزيهم، من شد الزنانير، و فحص (حلق) الرؤوس، فقد أجمع المسلمون أن هذا الفعل لا يوجد إلا من كافر " 10.
و حرر ابن تيمية أن مشاركة الكفار في أعيادهم قد تفضي إلى الكفر الصراح، فقال: " و إذا كانت المشابهة في القليل ذريعة و وسيلة إلى بعض القبائح كانت محرمة، فكيف إذا أفضت إلى ما هو كفر بالله، من التبرك بالصليب و التعميد في المعمودية. . و أصل ذلك المشابهة و المشاركة " 11.
و جاء في فتوى اللجنة الدائمة بالسعودية في حكم لبس الصليب: " إذا بيّن له حكم لبس الصليب، و أنه شعار النصارى، و دليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم و الرضا بما هم عليه، و أصرّ على ذلك، حكم بكفره لقوله - عز وجل -: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} المائدة 51.
و الظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر، و فيه إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى - عليه السلام -، و الله – سبحانه - قد نفى ذلك في كتابه فقال: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ} النساء 157 " 12.
و المقصود أن مولاة الكفار شعب متعددة، منها ما يخرج من الملة، و منها ما ليس كذلك، فمظاهرة الكفار على المسلمين ردة في حد ذاتها، و كذا لبس الصليب، أو التشبه المطلق بهم، و ما يلحق به كما هو مبين في مظانه.
كما يلحظ في هذه التوصية النَفَس الإرجائي الغالي – و الإرجاء دين الملوك كما قاله النضر بن شميل -، حيث قالوا: " ما لم يكن مرتبطًا بعقيدة كفرية " و مفهوم ذلك أنه لا يكفر بالأقوال الكفرية و الأفعال الكفرية، و هذا خلاف ما عليه السلف الصالح، فإن الكفر و الردة قد يكون بالأقوال و الأفعال.
و أخيرًا كان على المؤتمر أن يتخلى عن أسلوب التدثر بابن تيمية، و إضفاء المديح في مستهل الإعلان لفتواه بشأن ماردين أنها فتوى " حضارية رمزية "!! على حد تعبير المؤتمر.
ثم محاولة الالتفاف على الفتوى و تحريفها عن مقصودها أو التعريض بها، و بأسلوب عائم متلون.
أسأل الله تعالى أن يهدينا و سائر إخواننا للحق و الصواب، و أن نتجرّد في نصرة دين الله – تعالى -، و أن نراقبه - عز و جل - في السرّ و العلن، دون الانجراف مع ضغوط الوقائع و المتغيرات، و على أصحاب المسلك السلفي المحض إن أرادوا المشاركة في مثل هذا المؤتمر و أشباهه، أن تكون مشاركة راسخة جادة، قائمة على العلم و العدل، و إحقاق الحق، بعيدًا عن تأويلات مستكرهة أو تنازلات.
و الله حسبنا ونعم الوكيل.
[1] معجم المناهي اللفظية 163
[2] ينظر تفسير القرطبي 5/ 350
[3] مقدمات ابن رشد 2/ 612
[4] تفسير ابن كثير 1/ 514
[5] المعيار المعرب 2/ 123 = باختصار.
[6] ينظر الفتاوى السعدية، 92 – 93
[7] الإسلام والحضارة الغربية 191 – 192 = بتصرف يسير.
[8] ينظر: كتاب الفتاوى الفقهية في أهم القضايا لحسن اليوبي.
[9] الفروسية 29
[10] الشفا 2/ 1072
[11] اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 481
[12] فتاوى اللجنة الدائمة 2/ 78
ـ[كتبي]ــــــــ[17 - 04 - 10, 08:48 ص]ـ
أحسن الله إليك
العلامة عبد العزيز آل عبد اللطيف رجل بحق
حفظه الله من كيد الشياطين
ـ[ابو ناصر الحنبلي]ــــــــ[05 - 05 - 10, 01:20 ص]ـ
اللهم ثبتنا على دينك
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[05 - 05 - 10, 07:18 ص]ـ
د. عبدالوهاب الطريري
¥