تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكر الفقهاء – رحمهم الله تعالى – أصناف من يجب على الحاكم الحجر عليه فذكروا:

السفيه , والمَدِين , والطبيب الجاهل , والمُكاري المفلس , والمفتي الماجن.

وقالوا بأن هذا الحكم من مصالح الأمة العظمى.

بل إن أبو حنيفة – رحمه الله – الذي يرى عدم الحجر على السفيه إحتراما ً لآدميته , يقول – رحمه الله – بوجوب الحجر على المفتي الماجن المتلاعب بأحكام الشرع.

وقال شيخ الإسلام – رحمه الله -:" وليس لأحد أن يحكم على عالم بإجماع المسلمين، بل يبين له أنه قد أخطأ فإن بيّن له بالأدلة الشرعية التي يجب قبولها أنه قد أخطأ وظهر خطؤه للناس ولم يرجع بل أصر على إظهار ما يخالف الكتاب والسنة , والدعاء إلى ذلك وجب أن يمنع من ذلك، ويعاقب إن لم يمتنع "

فرحم الله شيخ الإسلام كيف يقول لو رأى تخبط هؤلاء الذين يناقضون الكتاب والسنة علانية ً وينتصرون لأقوالهم بشواذ الأقوال ومع ذلك يصرّون على قولهم بل وصل ببعضهم الجنون إلى حد القول بأن قولهم حق وخلافه باطل!!!

قال أحد الأئمة الدعوة النجدية – رحمهم الله – عن أمثال هؤلاء المَجَنة:" وهذا الضرب من الناس: أفسدوا بدعواهم العلم، على كثير من العامة دينهم، لما قلدوهم لهواهم، وأحسنوا بهم الظن، وفاقا لدنياهم ; فتأمل تجد ما ذكرته واقعا "

فرحمه الله يقول هذا في وقت لم تكن الفتوى تخرج من البلد الذي قيلت فيه إلا بعد وقت وربما تموت فيه , فماذا سيقول لو رأى وقتنا والإعلام بأنواعه الذي يبث الغث والسمين على ملايين البشر!!!

والعجب كل العجب أن هؤلاء لا يستحون من التكلم في كل شيء فهم يتكلمون في النوازل ككلامهم في مسائل الطهارة , وفي الثوابت ككلامهم في الخلافيات الفقهية , مع جهل عجيب بالمسائل التي يتصدون لها.

وهم مع ذلك قد باعوا أعظم مطلوب وهو رضى الله والجنة , بأحقر مكتسب وهو كلام الناس , فأنظر أبعد هذا الغبن من غبن؟؟؟

قال سحنون: " أشقى الناس من باع آخرته بدنياه، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره , فقال: تفكرت فيه وجدته المفتى يأتيه الرجل قد حنث في امرأته ورقيقته فيقول له: لا شيء عليك فيذهب الحانث فيستمتع بامراته ورقيقته وقد باع المفتي دينه بدنيا هذا "

اللهم أسترنا بسترك الجميل.

هذا لمن باع آخرته لدنيا غيره , فكيف بمن باع دنياه وأخراه بالهوى!!!

وبعد هذه الجولة العاطرة في رياض الأئمة الأعلام والسادة الكرام من علمائنا الأجلة في هؤلاء المفتين المَجَنة , نرجع للعمل الواجب على من وليّ على المسلمين من الولاة والحكام تجاههم.

قال ابن القيم - رحمه الله -:" من أفتى الناس وليس بأهل للفتوى فهو آثم عاص ٍ، ومن أقرّه من ولاة الأمور على ذلك فهو آثم أيضا ً ".

وقال أبو الفرج ابن الجوزي - رحمه الله -:" ويلزم ولي الأمر منعهم كما فعل بنو أمية، وهؤلاء بمنزلة من يدل الركب وليس له علم بالطريق، وبمنزلة الأعمى الذي يرشد الناس إلى القبلة، وبمنزلة من لا معرفة له بالطب، وهو يطب الناس، بل هو أسوأ حالاً من هؤلاء كلهم، وإذا تعين على ولي الأمر منع من لم يحسن التطبب من مداواة المرضى فكيف بمن لم يعرف الكتاب والسنة ولم يتفقه في الدين؟! "

فالله الله يا ولاة المسلمين في التصدي لهذا السيل الهادر من الآراء الشاذة والأقوال المرذولة من هؤلاء القوم.

أسأل الله أن يشرح صدور ولاتنا وولاة المسلمين لكف هؤلاء المفتين المَجَنة , حماية لأديان الناس ومسيرهم إلى الله تعالى.

لفتة:.

قال ابن القيم – رحمه الله – معلقا على بعض المسائل الفقهية التي حققها وأنتصر لها بالدليل:" فإنها مشتملة على فوائد جمة , وقواعد مهمة , ومباحث , لمن قصده الظفر بالحق , وإعطاء كل ذي حق حقه , من غير ميل مع ذي مذهبه , ولا خدمة لإمامه وأصحابه , بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بل تابع للدليل حريص على الظفر بالسنة والسبيل , يدور مع الحق أنى توجهت ركائبه , ويستقر معه حيث استقرت مضاربه , ولا يعرف قدر هذا السير إلا من علت همته , وتطلعت نوازع قلبه , واستشرفت نفسه إلى الارتضاع من ثدي الرسالة , والورود من عين حوض النبوة , والخلاص من شباك الأقوال المتعارضة , والآراء المتناقضة , إلى فضاء العلم الموروث , عمن لا ينطق عن الهوى , ولا يتجاوز نطقه البيان والرشاد والهدى , وبيداء اليقين التي من حلها حشد في زمرة العلماء , وعد من ورثة الأنبياء , وما هي إلا أوقات محدودة , وأنفاس على العبد معدودة , فلينفقها فيما شاء ".

أنت القتيل لكل من أحببته ,,, فانظر لنفسك في الهوى من تصطفي "

أسأل الله أن يهديني وجميع المسلمين لصراطه المستقيم.

أخوكم / موسى الغنامي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع

الكفاية للخطيب البغدادي.

التفسير القيم.

درر الحكام شرح مجلة الأحكام.

اللباب للميداني.

حاشية رد المحتار.

مجموع الفتاوى.

الدرر السنية.

بدائع الفوائد.

إعلام الموقعين.

تهذيب سنن أبو داود لأبن القيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير