تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - الخضوع في القول؛ إذا كلمت رجلا لحاجة فلا تُلَيِّنُ القول, ولا تخضع فيه, ولا تُرَقِّقُ كلامها. وهكذا إذا تكلمت مع أجنبي لحاجة في أمر من الأمور, فإنها تكلمه بكلام فيه شيء من الخشونة, ليس فيه شَيْءٌ من الرقة ولا الخضوع, ومع ذلك فإنها مأمورة بأن لا تتكلم عند الرجال إلا لحاجة ماسَّةٍ وشديدة.

واختار بعض العلماء أن صوت المرأة عورة واستدلوا بأدلة, منها أنه لا يصح للمرأة أن تُؤَذِّنَ؛ لأن في الأذان رفع صوت, وصوتها قد يصير فيه شيء من التذلل أو من الخضوع ونحو ذلك, وقد يكون فتنة لمن يسمع كلامها. ومن الأدلة أن المرأة إذا صَلَّتْ مع الرجال وحدث أن الإمام نسي أو سَهَا فإنها لا تُسَبِّحُ «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء» تقتصر على أن تُصَفِّقَ ببطن كفها على ظهر الأخرى, ولا تسبح؛ لأن التسبيح للرجال ومع أنه ذِكْرٌ.

كذلك أيضًا ورد أنه صلى الله عليه وسلم ذكر أن جبريل أمره أن يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال؛ يعني بالتلبية, ومع ذلك فإن المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية, وإنما تخفض صوتها بحيث تسمعها رفيقتها, كل ذلك من الحرص على إبعاد المرأة عن الفتنة.

2 - أمرهن الله تعالى بالقرار في البيوت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}؛ أي اثْبُتْنَ فيها ولا تخرجن؛ فالمرأة أستر ما لها بيتها، تجلس في بيتها ولا تتجاوزه ولا تخرج منه إلا لحاجة ماسة أو لضرورة. وإذا خرجت فإنها تخرج متسترة محتشمة، بعيدة عن التبرج وبعيدة عن إبداء شيء من الزينة الذي يكون فتنة لمن رآها أو نظر إليها, أو نظرت إليه.

وقد رُوِيَ أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل فاطمة بنته: ما خير ما للمرأة؟ فقالت: ألا ترى الرجال, ولا يراها الرجال، فضمها وقال: ذرية بعضها من بعض أقرها على ذلك.

3 - ثم قوله تعالى: {وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} التبرج هو إبداء شيء من الزينة, ولا شك أن زينة المرأة إذا أبدتها سواء في اللباس, أو في شيء من الجسد, أو في شيء من الْحُلِيِّ, فإن في ذلك فتنة وفيه دعاية إلى فعل الفاحشة, أو انتشار الفاحشة.

ولا شك أن مجمع محاسن المرأة هو وجهها؛ فلذلك تؤمر بأن تستر وجهها عند الرجال الأجانب. إذا كان هناك حاجة إلى البروز لا تبدي شيئًا من محاسنها, فإن ذلك هو الفتنة لمن نظر إليها, أو مَنْ نظرت إليه. فإذا قيل: إن خير ما للمرأة ألا ترى الرجال ولا يراها الرجال, كان من جملة ذلك أن تغض بصرها, قال الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} تغض المرأة من بصرها إذا خرجت فلا تنظر إلى الرجال, والرجل أيضًا إذا رأى المرأة فإن عليه أن يغض من بصره, ويكف نظره حتى ولو كانت متسترة, ولو كانت محتشمة؛ وذلك لأن نظره إليها حتى ولو كانت متغطية كمال الغطاء لا يُؤْمَنُ عليه الفتنة. هذا هو السبب في أمر الرجال: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}.

ثم إن زينة المرأة التي تبديها يدخل في ذلك وجهها ويداها, فهي من الزينة التي أمرها الله تعالى أن تسترها ولا تبديها إلا لمحارمها, يقول تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ}؛ أي لأزواجهن لا تبدي المرأة زينتها؛ يعني محاسنها إلا لزوجها أو لولدها، أو لابن زوجها أو أبيه, أو لأبيها أو إخوتها أو أولاد إخوتها أو أولاد أخواتها, أو أعمامها أو أخوالها.

هؤلاء محارمها، ينبغي لها أن تبدي وجهها مثلا وما يظهر منها لمحارمها, وأما غيرهم فإن عليها أن تستر جميع بدنها عن الأجانب الذين لا يحل لها أن تنظر إليهم, ولا ينظرون إليها والذين هم أجانب منها.

ولا شك أن هناك دعايات كثيرة من كثير من المتطرفين، ينادون بإخراج المرأة إلى المجتمعات العامة, ينادون بأن المرأة شقيقة الرجل, وأن لها من الحقوق مثل ما للرجال, وأن الإٍسلام ظلمها!! وكل ذلك بلا شك مما يهدفون فيه إلى مقاصد سيئة. فمقاصد هؤلاء الدعاة إلى التبرج وإلى بروز النساء قصدهم إذا خرجت المرأة من كِنِّهَا أي محلها الخاص بها , كان ذلك أدعى إلى أنهم ينالون منها ما يريدون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير