تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

خاطرةٌ شرعيةٌ حول: (الغُبارِ البُركانيِّ في أوروبا)

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[21 - 04 - 10, 02:02 م]ـ

الحمد لله العزيز الجبَّار القدير القهَّار , والصلاةُ والسلامُ على النبي المنتقى المُختار وآله وصحابته الأطهار والتابعين البررة الأخيار , وبعد:

سبحان الله , سبحانَ من ذلَّ كل عظيمٍ لسطوته , سبحانَ من خضعَ كل جبَّارٍ لقُدرته , سبْحَانَ من لا يدفعُ دافعٌ ما نفذ من أمره ومشيئته وحكمته.

سُبحان من ينذِر عبادهُ بالآياتِ المُخوِّفات , والدلائل الواضحات , تحذيراً وتبغيضاً للمآثم والجرائر , وتنبيهاً إلى ما هو أشدُّ من ذلك من عذاب الآخرة لمن أدمَن غشيانَ ومُزاولة المناكر.

فكم من آيةٍ يُخوِّفُ بها عباده استَنْبَتَتِ الإيمانَ في قلوبٍ هامدة قاحلة , وكم من نذارةٍ كونيةٍ بينَةٍ استلحقَ بها السَّاهون رُكَّاب القافلة , آياتٌ باهرةٌ تُقلقُ المطمئنين , وتخوِّفُ المُتقين , ويُستتابُ بها العصاةُ من الكفرةِ والفاسقين.

آياتٌ تشدهُ وتخطِفُ أبصارَ اوقلوبَ لخلقِ فلا يملكونَ لها دفعاً , ولا يجدونَ فيها حيلةً ولا يستطيعونَ مقاومةً ولا رفعاً , لينطقَ منهمُ الحالُ والمقالُ فيقولانِ ملئ أسماعِ الكون (المُلكُ لله الواحد القهار).!

فلا إله إلا الله لا تقومُ السماوات والأرضونُ وعامرُهما إلا به , ولا حاجةَ بهِ لمن في أقطارها , غنيٌّ عن كل شيء , ومفتقرٌ إليه كل شيء , لا يُبدَّلُ أمرهُ ولا معقِّب لحكمه ولا مُشير عليه ولا وزير لديه , عزَّ فقهر , وعظمَ وقدر وأمَر.

أيها القارئُ المؤمنُ (وغيرُ المؤمن):

هاهي كُبرياتُ دُول العالمِ بصناعاتها وأساطيلها ومعاملها وجامعاتها ومختبراتها وإمكانياتها ومُقدراتها وتحالفاتها تقفُ عاجزةً حسيرةً كسيرةً لا تملكُ أمام الغُبار البُركاني إلا ما يملكهُ الذبابُ في وجه الملتويات العوج والعواصف الهُوج.

طيرانٌ في الأرضِ قابعٌ ينتظرُ الفرج , ودولٌ صناعيةٌ متقدمةٌ وكبرى طاغيةٌ تعترفُ بحلول الضرر وتمكُّن العجز والحرج , ولعلَّ الله تعالى أراد بحكمةٍ منهُ لفتَ الأبصار التي أرهقها التطلع لحضارة الغرب المادية الخاوية من المعالي والكمالاتِ فيعلموا أنَّ فوقَ كل ذي علمٍ عليماً قادراً عظيما فيرهبوهُ , ولا عجب فهو القائلُ في محكم كتابه (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) و (وَخافُونِ إنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) و (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ).

يقولُ ابنُ القيم رحمه الله عن منزلة الخوفِ إنَّها فرضٌ على كُل أحدٍ.

والمُتأمِّلُ للسبعة الأصنافِ النَّاجينَ من حرِّ القيامةِ وشمسها الدَّانيةِ يجدُ القاسمَ الذي استوجبوا به ظلَّ العرشِ على اختلاف أعمالهم خوفَ الله تعالى.

أيُّها القارئ: إنَّ هذا الغُبارَ البُركانيَّ ينبغي معهُ أن يتأمَّل المؤمنونَ جلالَ الله تعالى الذي يُفني كل موجود ويبقى هُو ذو الجلال والإكرام.

كيفَ لو أصبحَ الخلائقُ وقد ملُحَ ماءُ الدنيا بأسره فمن يأتيهم بالماء غير الله.؟

كيف لو أمسوا عاجزينَ عن ممانعة الأتربة في الليل ومُدافعتها.؟

كيفَ لو سلبَهُم الله الكهرباء التي بها معاشُهم وأعيتهم حِيَلُ استردادها.؟

أيها الأحبة:

نَّ عجْزَ أمَمِ الأرضِ عن وقوفها في وجهِ هذه الظاهرة الكونيةِ ليدُلُّ بصدقٍ لا لبس معهُ ولا مريةَ على أنَّ الله تعالى وتقدَّسَ لو رفع عنايتهُ عن الكونُ أقلَّ من طرفة العينِ لهلك عُمَّارُ السماواتِ والأرضِ ولم يجدوا للوجود واستمرار الحياةِ سبيلاً , ولذلك بين لنا تعالى في كتابه أنَّ معصومَ الخلائقِ وخطَّاءَها وبرَّ البريَّةِ وفُجارها ورفيعَ القدر ووضيعهُ من العباد وسائسهم ومسُوسَهم وكبيرهم وصغيرَهم وعاقلهم ومجنونهم كُلُّ أولئك يسألون الله تعالى ما يحتاجونهُ في معاشهم وحياتهم الدنيوية إما سؤالَ مقالٍ كما نفعلُ نحنُ المسلمين أو سؤالَ لسانِ الحالِ كما يفعلُ الكفرةُ والملاحدة وصدق الله حين بيَّن ذلك بقوله (يسألهُ من في السماواتِ والأرضِ كُلَّ يومٍ هُو في شَأنٍ).

أيها المسلمُ: يا من كُنتَ ولا تزالُ تركَبُ الطائرات ثم تعصي اللهَ بين سمائه وأرضه بالنَّظر المُحرَّم والوجهة المُحرَّمة والأغراضِ المُحرَّمة أأمنتَ من في السماء أن يحبسكُم بغُبارٍ بركاني مفاجئٍ لا تتنبأ به الأرصادُ ولا الأبراجُ .. ؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير