ومن الأمور التي يؤسف لها اليوم أن يتربى طالب العلم على عدم احترام العلماء الصالحين من أهل السنة والجماعة، وهيبتهم، وتوقيرهم، ورد اقوالهم، والمجادلة بغير حق أو صواب، و تتبع الشاذ من الأقوال، ومصادمة العلماء بها، والطيران بها في كل مجلس، والتسويد لها في كل صحيفة، ولو نوقش في ذلك ما ارعوى.
ذكر الشاطبي في الاعتصام (2/ 740):
«وَقَدْ نُقِلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: جَلَسَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَشَبِيبُ بْنُ شَيْبَةَ لَيْلَةً يَتَخَاصَمُونَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
قَالَ: فَلَمَّا صَلَّوْا جَعَلَ عَمْرٌو يَقُولُ: هِيهِ أَبَا مَعْمَرٍ! هِيهِ أَبَا مَعْمَرٍ! فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا شَأْنُهُ أَبَدًا الْجِدَالُ فِي الْمَسَائِلِ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ وَلَا يَرْعَوِي، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ زَائِغُ الْقَلْبِ مُتَّبِعٌ لِلْمُتَشَابِهِ فَاحْذَرُوهُ».
والطعن في العلماء وانتقاصهم والحط من مكانتهم وقدرهم من الأدلة على معرفة بلاء من يفعل ذلك ويتجرأ عليه، وبضدها تعرف أو تتميز الأشياء:
وقال أبو حاتِم الرَّازي: إذا رأيتَ البَغْداديَّ يُحِبُّ أحمد بن حنبل فاعلم أنه صاحبُ سُنّة، وإذا رأيتَهُ يُبغض يحيى بن مَعِين فاعلم أنَّه كَذَّاب.
وقال محمد بن هارون الفَلاَّس: إذا رأيتَ الرَّجُل يقع في يحيى بن مَعِين فاعلم أنه كَذَّاب يضعُ الحديثَ، وإنما يُبغضه لما يُبَيِّن من أمر الكَذَّابين.
تهذيب الكمال (20/ 229).
فهذه المسألة من أعظم المسائل خطراً على طالب العلم، ومن كانت هذه صفته فقل على علمه السلام.
وأذكر إخواني طلاب العلم بما روى الخطيب البغدادي (ت 463هـ) في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 201) من طريق أبي بكر محمد بن مهرويه بن سنان الرازي، قال:
سمعتُ عليّ بن الحُسين بن الجُنيد يقول: سمعتُ يحيى بن مَعِين يقول: إنّا لنطعنُ على أقوامٍ لعلّهُم قد حَطّوا رِحالَهُمْ في الجنة من أكثر من مائتي سنة.
قال ابن مهرويه: فدخلتُ على عبد الرّحمن بن أبي حاتِم وهو يقرأ على الناس كتاب «الجَرْح والتَعديل» فحدثته بهذه الحِكاية، فبكى، وارتعدت يداهُ حتى سقطَ الكتابُ من يده، وجعل يبكي، ويستعيدني الحِكايةَ، ولم يقرا في ذلك المجلس شيئاً أو كما قال».
وانظر: تهذيب الكمال (20/ 232، 233)
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا العلم والعمل.
ـ[أبوراكان الوضاح]ــــــــ[24 - 04 - 10, 03:07 م]ـ
الله المستعان شيخنا الحبيب ضيدان ..
أحسنت التوضيح و البيان ..
زدنا من هذه المواضيع التربوية المهمة ..
لأن هناك أقزام تسنّموا الفتوى في الإعلام و قذفهم الأئمة الأعلام .. بدون توقير و احترام و الله المستعان ..
ـ[محمد ال سالم]ــــــــ[28 - 04 - 10, 02:46 ص]ـ
شيخنا ضيدان اليامي
أسأل الله لك الجنة
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 04 - 10, 10:45 ص]ـ
صدقت يا شيخ ضيدان .. ومن يطعن في علماء أهل السنة ويتطاول عليهم فيه شبه من الخوارج لأن الخوارج تطالوا على صحابة رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهؤلاء ورثة أولئك ولكل قوم وارث والله المستعان
الله المستعان شيخنا الحبيب ضيدان ..
أحسنت التوضيح و البيان ..
زدنا من هذه المواضيع التربوية المهمة ..
لأن هناك أقزام تسنّموا الفتوى في الإعلام و قذفهم الأئمة الأعلام .. بدون توقير و احترام و الله المستعان ..
صدقت يا عريس:)
أليس لهم في الصحابة رضي الله عنه أسوة فيتدافعون الفتوى بدلا من التشوف إليها ... أسأل الله أن يهدينا وإخواننا لأقرب من هذا رشدا