يقول الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
قال ابن كثير: أي لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس، فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس أو شهرته بالصفات الجميلة ليُشكرَ بين الناس .... ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه (فمثله كمثل صفوان) وهو الصخر الأملس (عليه تراب فأصابه وابل) وهو المطر الشديد (فتركه صلداً) أي فترك الوابل ذلك الصفوان صلداً أي أملس يابساً، أي لا شيء عليه من ذلك التراب، بل قد ذهب كله، أي وكذلك أعمال المرئين تذهب وتضمحل عند الله.
وفي الحديث يقول e " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ".
ويقول الله يوم القيامة إذا جازى الناس بأعمالهم " اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " رواه أحمد
وقال e ( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال الشرك الخفي أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل).
فاحذر أخي المسلم من الرياء: فهو شر بلاء، يستأصل الأعمال، ويُذهب الطاعات.
ومما يخوف من الرياء يا أخي الكريم أن تعلم أن المرائين أول ما تسعر بهم نار جهنم لأنهم استمتعوا بنتائج أعمالهم في حياتهم الدنيا ويدل على ذلك الحديث المشهور:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول (إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد فيؤتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكن قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أمر به حتى سحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فيؤتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها، قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فيؤتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها، قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى القي في النار) رواه مسلم
اسمع يا أخي المسلم: اسمع يا من ترائي الناس؟
اسمع يا من تعمل من أجل الناس؟ ومن أجل أن يمدح إنسان مثلك مسكين وتترك العزيز الكريم؟؟
هذا الحديث يبين خطر الرياء، وأن المرائي هو أول من تسعر به النار يوم القيامة ففر يا أخي المسلم من الرياء فرارك من الأسد.
فإن الرياء و الشهوة الخفية يعجز عن الوقوف أمام غوائِلها كبار العلماء فضلاً عن عامة العباد.
فلا يسلم من الرياء إلا القليل.
إن المرائي لم يعظم الخالق، بل عظم المخلوق؟
إن المرائي لم يعظم الجبار المتكبر، وإنما عظم الحقير الذليل.
إن المرائي عظم الدنيا، ولم يعظم الآخرة.
إن المرائي لم يقدر ولم يعظم ولم يخش يوم القيامة، يوم تبلى السرائر، يوم تفتضح القلوب، يوم يُعلم ما في الصدور، يوم يكشف عما في القلوب، يوم تعلم الخفايا والسرائر.
إن المرائي قدر الدنيا وأهلها، وعظم الدنيا وزخرفها.
قال تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
قال r ( من سمّع سمع الله به، ومن يراء يراءِ الله به) متفق عليه.
وقال علي بن أبي طالب: للمرائي ثلاث علامات: الكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذُمَّ.
اللهم رب السماوات والأرض طهر قلوبنا من النفاق و أعمالنا من الرياء و ثبتنا على صراطك المستقيم حتى يأتينا اليقين
ثالثاً:- المن والأذى.
من المعلوم أن الإنفاق في سبيل الله من صنائع المعروف التي تقرب العبد إلى ربه زلفى وتقي مصارع السوء كما جاء في ذلك أحاديث عن المصطفى r وقد مدح الله عز وجل عباده المنفقين و أثنى عليهم في آيات
¥