تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ}.
سبحان من أحاط علمه بالكائنات، وعلم النهايات واطّلع على النيات، قد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً يعلم ما في الضمير، فلم يغب عن علمه الفتيل ولا القطمير، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ يعلم ما كان وما يكون الآن وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، لا تسقط ورقةٌ إلا بعلمه ولا تقع قَطرة إلا بعلمه ولا تعقد نية إلا بعلمه ولا تقال كلمة إلا بعلمه ولا تخطى خطوة إلا بعلمه ولا يخط حرف إلا بعلمه يعلم الحيَّ والميت، والرطب واليابس، والحاضر والغائب، والسر والجهر، والبادي والخافي، والكثير والقليل، يعلم السرائر ويطلع على الضمائر فالنجوى عنده جهر، والسرّ عنده علانية {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَار} {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
وسع سمعه الأصوات فلا يشغله صوت عن صوت ولا تختلط عليه لغة بلغة بل يسمع جميع الأصوات على اختلاف اللهجات واللغات {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}.
سبحان الله العظيم الذي يبدئ ويعيد، وينشئ ويبيد، يفعل ما يشاء ويحكم بما يريد وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد فعّال لما يريد، الحي الذي لا يموت والقيوم الذي لا ينام ولا ينبغي له أن ينام {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} له النعمة وله الفضل, وله الثناء الحسن, له الملك كله , وله الحمد كله, وله الشكر كله شملت قدرته كل شيء, ووسعت رحمته كل شيء, ووصلت نعمته إلى كل حي {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا صاحبة له ولا ولد كل شيء هالك إلا وجهه, وكل ملك زائلٌ إلا ملكه , وكل ظل ٍ قالصٌ إلا ظله, وكل فضلٍ منقطع إلا فضله , لن يطاع إلا بإذنه, ولن يعصى إلا بعلمه , يطاع فيشكر, ويعصى فيغفر.
إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} هو الأول الذي ليس قبله شيء, والآخر الذي ليس بعده شيء, والظاهر الذي ليس فوقه شيء, والباطن الذي ليس دونه شيء, لو أن الخلق كلهم انسهم وجنهم, كانوا على أتقى قلب رجل منهم , ما زاد ذلك في ملكه شيئا, ولو أنهم كانوا على أفجر قلب رجل ٍ منهم , ما نقص ذلك من ملكه شيئا ولو أن أهل سمواته وأرضه, انسهم وجنهم, وحيهم وميتهم , ورطبهم ويابسهم, قاموا في صعيد واحد فسألوه فأعطى كلا ً منهم ما سأل , ما نقص ذلك من ملكه شيئاً , ولو أن أشجار الأرض كلها , من بدايتها إلى نهايتها أقلام , والبحر وراءه سبعة أبحر, مداداً لتلك الأقلام ما نفدت كلمات الله {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} يقول الله جل جلاله مبيناً عظمته وجلاله قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ
¥