حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.
الخطبة الثانية
الحمد لله منزل القرآن رحمة للعالمين ومناراً للسالكين وحجة على العباد أجمعين، الحمد لله الذي لا يدوم غيره ولا يرجى إلا خيره ولا يخشى إلا ضيره ولا يعول إلا عليه، الحمد لله الذي خلق كل شيء فقدره وعلم مورد كل مخلوق ومصدره واثبت في أم الكتاب ما أراده وسطره فلا مقدم لما أخره ولا مؤخر لما قدمه ولا ناصر لمن خذله ولا خاذل لمن نصره ولا هادي لمن أضله ولا مضل لمن هداه، الحمد لله الذي يسمع خفي الصوت ولطيف الكلام ويرى ما في داخل العروق وبواطن العظام الحمد لله ذي العرش والجبروت والمُلك والملكوت الحي الذي لا يموت والصلاة والسلام على رسول الله خير خلق الله من اصطفاه ربه واجتباه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
عباد الله
يجب علينا أن نتعرف على الله لأن عظمة الله جل جلاله لن تأتي في قلوبنا إلا إذا تعرفنا على الله ولهذا فإن ثلثَ القرآن آيات تُعرف بالله وتُذكِّر بعظمة الله وتذكر أسماء الله وصفاته وكثير من الآيات في كتاب الله الكريم مختومة باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته.
بل أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نتعرف على الله فقال صلى الله عليه وسلم (تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة).
وليس المقصود من معرفة الله أن نُقر بوجوده فإن هذا المعرفةََ الإجمالية يشترك فيها جميعُ الخلق فالخلق كلهم انسهم وجنهم مؤمنهم وكافرهم يقرون في نفوسهم بوجود الله وإنما المقصود أن نتعرف على الله معرفةًً تورث في قلوبنا خشيةَ الله ومحبتَه وتعظيمه قال تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}.
لقد خفتت عظمة الله في قلوبنا وعظمت الماديات والمحسوسات في نفوسنا فرأينا وسمعنا من يستهزئ بالله وبشعائر الله ورأينا من يتطاول على دين الله ومن يسب الله ومن يزدري أحكام الله ومن يبارز الله بالمعاصي جهاراً نهاراً.
ضعفت عظمة الله عندنا فعصينا أوامره وتجاوزنا حدوده وأشركنا به وطلبنا الرزق من غيره وتركنا التوكل والإعتماد عليه سبحانه وتعالى يقول الله جل جلاله مبيناً عظمته {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا} ويقول سبحانه وتعالى {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًاوَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أي مالكم لا تعظمون الله حق عظمته. فلنحذر من أن نجعل الله جل جلاله أهون الناظرين إلينا يقول أحد السلف: "لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت".
عباد الله:
إن في القلب شعثاً لا يلمه إلا الإقبالُ على الله، وفيه وحشة لا يُزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يُذهبه إلا السرور بمعرفة الله، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات لا يُطفئها إلا الرضا بأمر الله، وفيه فقر وفاقة لا يسدها إلا ذكر الله وصدق الإخلاص له جل جلاله (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى)
ـ[المسلم الحر]ــــــــ[28 - 04 - 10, 06:40 م]ـ
الله يفتح عليك أخي الكريم
كلام عظيم عن ربنا الخالق الحليم العظيم سبحانه و تعالى
و أنصحك بقراءة هذا الموضوع حتى نستوعب هذه العظمة بالصور:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=161683