وهكذا أيضا الأفلام الهابطة، وهكذا أيضا القنوات الفضائية التي يعرض فيها الفساد وآلاته، فإذا حافظ الأبوان على تطهير المنازل من هذه الأشياء التي تكون سببا في فساد الإناث والذكور ونحو ذلك؛ ربحا أولادهما. وهكذا أيضا لا بد أن يكون هناك تربية أخرى، وهي النهي عن التقاليد السيئة، والتي قد انتشرت وتمكنت، ووقع فيها كثير من الإناث صغارا وكبارا، كانت مدعاة إلى الفساد، نذكر بعضا من الأمثلة؛ حتى يتفطن لذلك.
فمن ذلك ما يتعلق باللباس، المرأة مأمور أولياؤها أن يلبسوها اللباس الواسع الفضفاض الذي لا يبين شيئا من حجم أعضائها ولا من تفاصيل جسدها؛ حتى لا تكون فتنة، ولا تبرز للرجال لينظروا إليها. لا شك أن هذا من أسباب الاستقامة أن ربوا بناتهم في الصغر على اللباس الواسع. كثير من الآباء هداهم الله يربون الطفلة التي في السنة الثالثة وما بعدها على لباس ضيق الأعلى واسع الأسفل.
فهذا تشبه بالبغايا أو بنساء الكفار. إذا تربت الطفلة على أن تلبس هذا اللباس الضيق يتبين بطنها، ويتبين ثدياها أو منكباها وعظام ظهرها، وما أشبه ذلك، ثم ما حول عورتها يكون واسعا؛ بحيث إنها إذا جاءت الريح ورفعت ثوبها بدا شيء من عورتها؛ فهل هذا لباس الإسلام؟
إذا تربت وهي صغيرة على ذلك وألفته؛ فمتى تنفطم عنه؟! تلبسه وهي بنت عشر، وتألفه وهي بنت خمس عشرة، وتألفه أيضا وهي بنت عشرين، وهكذا، فيكون ذلك فتنة؛ بحيث إنها إذا دخلت الأسواق وعليها هذا اللباس نظر إليها الشباب، وتعلقت بها الأنظار؛ فيكون ذلك فتنة. لا شك أن السبب هو الذي أحضر لها هذا اللباس، وهو وليها الذي هو مسئول عن تربيتها.
فكونه مثلا يربي بناته على اللباس الواسع الذي لا يبين شيئا من حجم الأعضاء، هذا من التربية الحسنة، وإذا قالت البنت: أريد لباسا مثل بنت فلان، وبنت آل فلان، اللباس الذي يوجد ويباع في المكان كذا وكذا. فإن عليه أن يمنعها ويحذرها، ويقول: هذا لباس العراة، هذا لباس العهر، هذا لباس البغايا، هذا لباس الكفار، لا يجوز أن نتعاطاه، فإن مثل هذا يعتبر تشبها بالعاهرات، وتشبها بالكفار، ومن تشبه بقوم فهو منهم؛ لأنه يبين حجم الأعضاء؛ ولأنه يلفت نحوها الأنظار.
كذلك أيضا قد تلبس لباسا عاديا، ليس واسع الأسفل؛ ولكن يكون مشقوقا من الجانبين؛ وهذا أيضا من الخطأ. الواجب أن المرأة تستر رجليها، لما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر إسبال الرجال أن: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه». فقالت امرأة: فما تقول في ذيول المرأة؟ - ذيل المرأة؛ يعني طرف ثيابها- فقال: «يرخين شبرا». فقيل: إذن تبدو أقدامهن؟ فقال: «يرخين ذراعا، ولا يزدن على ذلك».
فرخص للمرأة إذا لبست الثوب؛ أن ترخيه شبرا فإن خافت أنها إذا مشت يتقلص ويرى قدمها، عرف بذلك أن قدمها عورة، فإنها ترخيه ذراعا من جانبيها ومن خلفها؛ حتى لا يبدو شيء من قدمها؛ ولو رءوس الأصابع ولو أسفل القدم؛ فإن ظهور ذلك يعتبر فتنة يلفت الأنظار نحوها. لا شك أن هذا دليل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يحب أن تتستر النساء، يحب أن يتسترن وألا يظهر منهن شيء من أجسادهن ولو قليلا.
كذلك أيضا بالنسبة إلى العباءة؛ عباءات النساء ومشالحهن يلبسنها لأجل التستر، فلا يجوز لها أن تلبسها على الكتفين تكون بذلك متشبهة بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. واللعن يقتضي التحريم، فهذا فيه تشبه. تجعل عباءتها ومشلحها على الرأس. وضعتها على الكتفين، تبين الرأس، وتبينت الرقبة وعرف بذلك طول رأسها وطول رقبتها، ونظر إليها أهل الفتنة، وقد يتابعونها وقد يعاكسونها، وما أشبه ذلك.
وهكذا أيضا إذا عرفنا أن الشرع جاء بأن تتربى المرأة صغيرة وكبيرة على التستر، فإن التستر أن تبقى في بيتها. فعلى وليها ألا يأذن في خروجها إلى الأسواق، ولا على الطرق، ولا إلى المنتزهات وما أشبها، ولا إلى الندوات والاستراحات وما أشبهها إلا مع التعفف ومع التستر ومع المحرم الذي يغار عليها. هذا هو الواجب على الرجل نحو أسرته من نسائه بنات وزوجات وأخوات، ونحو ذلك.
¥