كانت المرأة إذا تزوجت حرصت على أن تتستر، ولا يدري بها أحد، ولا ينظر إليها؛ حتى يدخلوها على زوجها بخفية، أما هؤلاء فإنهم عملوا هذا التكشف ونحوه. كذلك أيضا يحدث في تلك الحفلات استدعاء المغنيات، من يسمون بالدقاقات والراقصات ونحوها، ثم يقمن بضرب الطبول وبالأغاني الماجنة وبالرقص، وبالسهر الطويل، وبالكلمات البذيئة، وبالغناء الذي يتضمن ذكر الفواحش، وما أشبهها.
لا شك أن هذا كله من فساد الأسر، فنقول: على المسلم أن يحرص على إصلاح أسرته، وعلى تربيتها التربية الصالحة؛ وذلك لأنه مسئول عنهم؛ ولأنهم إذا صلحوا بسببه دعوا له ونفعوه، وإذا فسدوا عصوه وخالفوه كما هو الواقع كثيرا. الواقع أن الأولاد والبنات ونحوهن إذا صلحوا فإنهم ينفعون آباءهم ويخدمونهم، ويطيعونهم، ويفرحون بما يسرهم. وبضد ذلك إذا كانوا متربين على الفساد وعلى الشر يقع منهم العقوق والمخالفة وسوء العملة، ونحو ذلك.
الحرص على إعفاف الأبناء
ثم نقول أيضا: إن من واجب الأبوين أن يحرصوا على إعفاف أولادهم؛ فإن ذلك من أسباب صلاحهم. الإعفاف هو أولا كما ذكرنا هو حفظهم عن رؤية الفواحش والمنكرات ونحوها. ثم إذا بلغ الولد ذكرا وأنثى حرصوا على تزويجه، على تزويج الإناث، وعلى تزويج الذكور؛ فإن ذلك من أسباب تعففهم وحفظهم.
الله سبحانه وتعالى ركب في الإنسان هذه الشهوة الجنسية، فالأولاد إذا بلغوا لا شك أنها تتحرك فيهم هذه الشهوة ذكورا وإناثا، فإذا لم يتعففوا، ولم يتزوج الابن مال إلى النظر، ومال إلى مشاهدة الفساد، ونحو ذلك، وإلي الاحتكاك بالنساء، ونحوهن، وربما وقع فيما يفسده، وعلى الأقل أنه يقع فيما يسمى بالعادة السرية التي هي الاستمناء. ولا شك أيضا أن الأنثى كذلك إذا بلغت سيما وهي تشاهد ما يثير هذه الشهوة؛ فلا يؤمن عليها أن تتصل بالشباب، وتعاكسهم ويعاكسون، ويكون بينهم مواعيد، وبينهم أسباب يقع من آثارها ومن أسبابها الفساد الكبير.
الأب مسئول عن إعفاف أولاده؛ حتى يحصنهم وحتى يحميهم عن الفساد وعن الشر. تزويجه للذكور من واجبه إذا كان قادرا، أو يوصي أولاده بأن يتكسبوا ويحترفوا ويشتغلوا في تجارة أو في حرفة أو في عمل أو في وظيفة؛ أي وظيفة إلى أن يجدوا ما يتعففون به، إلى أن يجدوا ما يدفعونه كمهر.
وكذلك أيضا إذا كان عنده إناث وتقدم إليه بعض الأكفاء فلا يردهم، فلا يقول: هذا الذي تقدم فقير وليس له وظيفة، ونحو ذلك؛ بل يزوجه والله تعالى يتولى إغناءه كما وعد بذلك في قول الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=24%20&nAya=32)} وعد من الله تعالى.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»؛ يعني إذا رددتم الكفء لكونه فقيرا، أو لكونه ليس له وظيفة، أو نحو ذلك؛ فإنكم تتسببون في الفساد: «إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» فهذه بعض الأسباب التي يكون في مراعاتها ومراقبتها خير كثير إن شاء الله. نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يرزقهم العفاف والسترة والصيانة، والمحافظة على عوراتهم، وعلى محارمهم.
ونسأله أن يصلح شباب المسلمين، وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف، ويجعلهم قرة أعين لآبائهم وأجدادهم. ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال نساء المسلمين، ويرزقهن العفاف والكفاف، والتستر والابتعاد عن الفواحش والمنكرات، وأن يصلح أسر المسلمين ومسئوليهم، وأن يرزق الآباء الحرص على تربية أولادهم تربية صالحة، يصلحون بها في الحال والمآل.
كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين جميعا، ويرزقهم التمسك بالدين والعض عليه بالنواجذ، والعمل بما يرضي الله تعالى، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح أئمة المسلمين وقادتهم، ويجعلهم هداة مهتدين يقولون بالحق وبه يعدلون. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على محمد.
قاله
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
رحمه الله
¥