الله على نصرهم لقدير" (شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص4).
- وأهل الحديث هم أهل الجهاد والثغور قال أبو منصور البغدادي: "إنّ ثغور الروم والجزيرة والشام وأذربيجان كل أهلها كانوا على مذهب أهل الحديث، وكذلك ثغور إفريقية والأندلس وكل ثغر وراء بحر المغرب، وكذلك ثغور اليمن على ساحل الزنج كان أهلها أهل الحديث" (أصول الدين1/ 317 نقلا عن قدم أصحاب الحديث للهاشمي ص56).
- ومن أهل الحديث من جمع الحديث والآثار ورحل لها براً وبحراً وشرقاً وغرباً من المتقدمين كأصحاب الصحاح والسنن والمسانيد، وليس كل من اشتغل بالحديث تصحيحاً وتضعيفاً صار من أهل الحديث، بل رأينا من هؤلاء من المتأخرين من يطعن في أهل الحديث ويعاديهم، بل رأينا منهم: الصوفي الخرافي، والمبتدع الضال.
- و أهل الحديث أعلم الناس بالحديث فـ "من المعلوم أن كل من كان بكلام المتبوع وأحواله وبواطن أموره وظواهرها أعلم وهو بذلك أقوم كان أحق بالاختصاص به، ولا ريب أن أهل الحديث أعلم الأمة وأخصها بعلم الرسول وعلم خاصته مثل الخلفاء الراشدين وسائر العشرة" (مجموع الفتاوى4/ 91).
- وأهل الحديث هم المتبعون لصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهم "أهل الآثار النبوية وهم أهل الحديث والسنة العالمون بطريقهم (أي الصحابة) المتبعون لها وهم أهل العلم بالكتاب والسنة في كل عصر ومصر فهؤلاء الذين هم أفضل الخلق من الأولين والآخرين" (العقيدة الأصفهانية1/ 156).
- و أهل الحديث "ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله وأعظمهم تمييزاً بين صحيحها وسقيمها وأئمتهم فقهاء فيها وأهل معرفة بمعانيها واتباعاً لها تصديقاً وعملاً، وحباً وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف فما كان من معانيها موافقا للكتاب والسنة أثبتوه وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس فإن إتباع الظن جهل وإتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم وجماع الشر الجهل والظلم" (مجموع الفتاوى 3/ 347).
- ومما يميز أهل الحديث عن غيرهم ثباتهم على مبادئهم عند المحن والفتن "فما يعلم أحد من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده بل هم أعظم الناس صبراً على ذلك وإن امتحنوا بأنواع المحن وفتنوا بأنواع الفتن، ... فالثبات والاستقرار في أهل الحديث والسنة أضعاف أضعاف أضعاف ما هو عند أهل الكلام والفلسفة" (مجموع الفتاوى 4/ 51).
- وهم أكثر الناس حباً للاتفاق وأكثرهم بغضاً للافتراق "ولست تجد اتفاقاً وائتلافاً إلا بسبب إتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك ولا تجد افتراقاً واختلافاً إلا عند من ترك ذلك وقدم غيره عليه، قال تعالى: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ () إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولاً وفعلاً وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة فمن خالفهم في شيء فاته من الرحمة بقدر ذلك" (مجموع الفتاوى 4/ 50 - 51).
- وأهل الحديث يتميزون بوحدة منهجهم واتفاق كلمتهم وقلة اختلافهم "ومما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق: أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطراً من الأقطار؛ وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد، يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد، وفعلهم واحد، لا ترى بينهم اختلافاً ولا تفرقاً في شيء ما وإن قلْ. بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلبٍ واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا؟! " (الانتصار لأصحاب الحديث للسمعاني ص45).
- وأهل الحديث ليسوا بمعصومين، فقد يقعوا في المعاصي والآثام، بل قد يقعوا في بدع أهل الكلام، (كالأشعري وابن حزم والنووي وابن حجر) وهم من أئمة أهل الحديث، لكن ما أسرع أوبتهم إلى الحق إذا عُرِّفوا به، قال شيخ الإسلام عن أبي الحسن الأشعري: "ولهذا كان هو وأمثاله يعدُّون من متكلمة أهل الحديث، وكانوا هم خير هذه الطوائف وأقربها إلى الكتاب والسنة، ولكن خبرته بالحديث والسنة كانت مجملة وخبرته بالكلام كانت مفصَّلة، فلهذا بقي عليه بقايا من أصول المعتزلة، ودخل معه في تلك البقايا وغيرها طوائف من المنتسبين إلى السنة والحديث من أتباع الأئمة من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد" (درء تعارض العقل والنقل 7/ 462)، بل قد يقع بعضهم في الإرجاء ولا يخرج من كونه من أهل الحديث بالكليَّة ما لم يكن ذلك منه بإصرار وسوء طوية، فقال أيضاً: ((وهذا الوجه تختاره طائفة من متكلمي أهل الحديث المائلين إلى الإرجاء كالأشعري وغيره ممن يقول بالاستثناء ولا يدخل الأعمال في مسمى الإيمان فيجعل الاستثناء لا يعود إلا إلى النوايا فقط" (الاستقامة1/ 150).
- وأهل الحديث ليسوا حزباً واحداً يعرف بهذا الاسم بل هم متفرقون في أقطار المعمورة فـ "منهم شجعان مقاتلون ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض" (شرح مسلم للنووي 13/ 67).
وبعد: فهؤلاء هم أهل الحديث وهذه صفاتهم وهذه خصائصهم، أسأل الله أن يكون ملتقاهم من أول من يتحلى بها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أخوكم: علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
¥