تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا سيما وأنت تقرُّ في مقالك بأنَّ المبالغة في التحذير من التخلف عنها كان سداً للذريعة , وأنه من مقاصد الشريعة , فهلا تركت الشريعة وقصدها , ومغزاها ونفعها , لتقوم في الحديث بدورها.

ثم ألا ترى يا شيخ بأنَّ كلامك فيه تناقض عجيب إذ كيف لا يكون الحديث دالاً على وجوب الجماعة في الحين الذي تقر في مقالك بأن ترك الصلاة مع الجماعة عمل قد اختص به المنافقون.

وإذا كان كذلك أليس من أوجب الواجبات على المسلم مخالفة الكفار والمنافقين وعدم التشبه بهم.

فإن قلت بلى , فحسبك بها وكفى , وإن قلت لا فالمصيبة أعظم , وأعظم من ذلك خلطك ونفيك وجوب صلاة الجماعة لكونه لم يرد حقيقة ما همَّ به من التحريق.

ولعمري لا تلازم بين نفي وجوب صلاة الجماعة من الحديث لكونه لم يرد به حقيقية ما همَّ به من التحريق.

ويتضح ذلك إذا سلمنا جدلاً بما افترضته من الحديث وأنه أراد بالهمِّ المبالغة لا حقيقية الحرق

لو كان الأمر كذلك لما كان فيه دلالة على نفي وجوب صلاة الجماعة من الحديث , غاية ما فيه أنه لم يقم بحرقهم ويبقى بعد ذلك غضبه الشديد عليه الصلاة والسلام على من لم يحضر الجماعة.

الأمر الذي أدى به إلى الزجر عنه بأبلغ التحذيرات ومن المعلوم أنه كان لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله وقد جاء في بعض طرق الحديث أنه غضب على المتخلفين عن صلاة الجماعة غضباً عبَّر عنه أبو هريرة بقوله « ... ما أعلم أني رأيته غضب قط أشدَّ منه ... »

وإذ كان كذلك فهل مثل هذا الغضب والتحذير الشديد المبالغ فيه يكون بعد ذلك لترك سنة مؤكدة وشعيرة مهمة ولكن لا يأثم لتركها ولو كان لغير عذر كما يرى الشيخ الغامدي في دراسته العجلة الغير متأنية.

لو كانت دراسته غير ذلك لماذا لم نر الشارع شدَّد على من لم يصل ركعتي الفجر التي لم يكن يدعها في حضر ولا في سفر , وكذلك صلاة الوتر التي هي من الشعائر المهمة والسنن المؤكدة لماذا لم يبالغ الشارع في التحذير من تركها ويهم ولو بالمبالغة يحرق من لم يقم بفعلها؟!!

لو كانت صلاة الجماعة فقط سنة مؤكدة وشعيرة مهمة كما يقول الغامدي لرأيت الشارع وهو يُندِّد بترك ما كان نحوها من السنن المؤكدة والشعائر المهمة بمثل تنديده بتركها كأنْ يهم بحرق من ترك صلاة الوتر أو ركعتي الفجر! وما كان نحوها من السنن المؤكدة.

وبهذا يكون الغامدي قد تعسَّف لصرف حديث الهمِّ عن مراد الشارع منه ألا وهو وجوب صلاة الجماعة إلى المبالغة في التحذير من تركها ثم تناقض بعدم تأثيم من تركها على أنه يرى أن الشارع بالغ في الزجر عن تركها!!

وبهذا الذي تقدم أيضاً تتجلى حجيةُ حديث الهمِّ على وجوب صلاة الجماعة رغم أنف امرئٍ ثبط عنها أو هونَّ منها!

كتبها

عبدالله بن محمد الأنصاري

المدينة النبوية

10/ 5/1431هـ

قوافل الطاعة في وجوب صلاة الجماعة

«رداً على الشيخ الغامدي في مقالاته»

الحلقة الثانية

خلصنا في الحلقة الماضية إلى حجية حديث الهم على وجوب صلاة الجماعة وفي هذه الحلقة وهي الثانية إثبات حجية حديث الأعمى على وجوب صلاة الجماعة إسناداً ومتناً خلافاً لما ادَّعاه الغامدي من أنه لا يصلح للاحتجاج به على وجوب صلاة الجماعة لا سنداً ولا متناًَ.

وفي اعتقادي أنَّ الذي زجَّ بالغامدي إلى القول بعدم حجيته سنداً ومتناً ضعفه في علم الرواية , وفهمه القاصر عن الدراية.

ولو كان الرجل غير ذلك , لكان الحديث عنده حجة على وجوب صلاة الجماعة كما كان عند غيره كذلك!!

ولعمري للحديث واضح بأنه من قوافل الطاعة على وجوب صلاة الجماعة , غير أن الغامدي تنكر له ولكن ذلك لا يضرُُّ الحديث شيئاً وليس على الأعمى حرج قال الشاعر:

وليس يصحُّ في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

قال الغامدي متشدقاً ومعلقاً على حديث الأعمى , « ... و حول الاحتجاج بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى , فقال:يارسول الله , ليس لي قائد يقودني إلى المسجد , فسأل رسول الله أن يرخص له , فيصلي في بيته , فرخص له , فلما ولى دعاه وقال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأجب)

يقول الغامدي هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ولم يذكر في الباب غيره , وأخرجه أيضاً ابن راهويه وأخرون وهو حديث ضعيف سنداً ومتناً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير