أما من جهة الإسناد: فمداره على مروان بن معاوية الفزاري , وعبيد الله بن الأصم مقبول الرواية حيث يتابع , ولا متابع له هنا , ومروان الفزاري تكلم فيه بأن تكثر روايته عن الشيوخ المجهولين وقال ابن نمير: كان يلتقط الشيوخ من السكك , وقال عبدالله بن علي بن المديني عن أبيه: ثقة فيما روى عن المجهولين , وبمثل هذا قال العجلي في الثقات وذكره العقيلي في الضعفاء , وقال الذهبي في الميزان: ثقة عالم صاحب حديث , لكن يروي عن من دب ودرج , فيستأنى في شيوخه وكان يدلس أسماء الشيوخ وقد تفرد به. والحديث روي بمعناه عن كعب بن عجرة وابن أم مكتوم وجابر بأسانيد كلها ضعيفة ... »
هكذا قال عن رواية الحديث , وفي مقاله من التلبيس والتدليس , على من ليس له بالحديث بصيص , وإلاَّ فالعارفون به , يقولون آمنا به , وهو وحديث الهم كل من عند ربنا وكيف لا يكون كذلك والحديث قد أخرجه مسلم في صحيحه.
ومن البلاء أن الغامدي وقف على إخراج مسلم للحديث في صحيحه غير أنه لم يقنع بإخراج مسلم له ولا بتصحيحه للحديث وهنا لا أدري من سيترك تصحيح مسلم للحديث , ويتبع الغامدي على تضعيفه؟!!!
وليت شعري لو كان الغامدي من علماء الحديث والمعروفين به لربما التفت إلى تضعيفه للحديث لا سيما إن أتى له بعلة صحيحة تقدح في سنده , أو تنكر في متنه.
لكن والحالة غير ذلك لا تلتفت إلى تضعيفه , ولا ترفع رأساً به , ولا تترك مسلماً من أجله , فقد أجمعت الأمة على تلقي صحيحه بالقبول , وفي المقابل تكاد تجمع على شذوذ الغامدي في أقواله ونكارة ما يقول.
وخذ مثالاً على ذلك قال الغامدي عن الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ولم يذكر في الباب غيره , قلت ومعنى ذلك أنه أخرج الحديث في أصول صحيحه لا في الشواهد عنده والمتابعات.
ولما كان الحديث عند مسلم كذلك , كان على الغامدي أن يقف طويلاً عند توثيق مسلم الضِّمني لرجال هذا الحديث بإخراجه لهم في الأصول , ليت شعري لو كان الغامدي يعلم ما يقول!!!
وعليه لا أدري مالذي جعل الغامدي يقول عن مسلم ولم يورد في الباب غيره على أن هذه العبارة من الحجج القوية على الغامدي في صحة الحديث؟!
فإن كان لا يدري ما معناها فتلك مصيبة , وإن كان يعي معناها فالمصيبة أعظم , إذ كيف لا يثق بتوثيق مسلم الضِّمني لرجاله , في الحين الذي يريدنا نثق بأقواله؟!!
لكن أعود فأقول إنَّ الرجل لا يدري ماذا يقول.
وساعده على تضعيف رجال هذا الحديث , وقوفه على من طعن في بعضهم وتكلم عليهم.
ولهذا قال عن الحديث فمداره على مروان بن معاوية الفزاري وعبيد الله بن الأصم مقبول الرواية حيث يتابع ولا متابع له هنا.
ثم ذهب يذكر بعض من تكلم في مروان الفزاري وروايته عن المجهولين!
وهذه الأقوال من الحافظ وغيره في مروان وابن الأصم لا تعني ضعفهم فيما أُخرج لهم في الصحيح لأن صاحبا الصحيحين قد انتقيا من حديث من تكلم فيهم في صحيحهما فلا يتطرق الضعف العام فيهم على ما كان داخل الصحيحين أو أحدهما.
وعليه فإن قول الحافظ عن ابن الأصم مثلاً مقبول حيث يتابع لا يعني به فيما أخرج له مسلم أو البخاري داخل الصحيح بل وحتى ما كان خارجاً عنهما ولكن على شرطهما , وإنما يريد به ما كان خارج الصحيحين أو ليس على شرطهما.
ولهذا كثيراً ما تجد في أقوال أهل العلم بالحديث عبارة « ... هذا حديث صحيح على شرط مسلم أو على شرط البخاري ... ».
وربما لو رجعت إلى رجاله وأحوالهم وجدت أقولاً في ضعفهم لكن الذي عصم ذاك الإسناد من ضعفهم كونه على شرط أحدهما فضلاً عن أن يكون داخلهما.
وبهذا الذي تقدم يتبين أن ما عثر عليه الغامدي من كلام في بعض رجال الحديث ليس جديداً على أهل العلم به , وهو لا يؤثر عندهم على صحة الحديث! بما أنه في صحيح مسلم بل في أصول مسلم في صحيحه لا في الشواهد عنده والمتابعات.
ثم هبني يا غامدي وافقتك على تضعيف ابن حجر له في مسلم وغيره لقوله عنه مقبول حيث يتابع وإلا فلين الحديث.
¥