تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1): قول الله عز وجل: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) الآية.

ففي هذه الآية أوضح دليل على وجوب صلاة الجماعة؛ لأنها لم تسقط حتى في حال الخوف، قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه آداب المشي إلى الصلاة: ((وهي واجبة على الأعيان حضراً وسفراً حتى في خوف؛ لقوله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ) الآية))، وقال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في كتابه أضواء البيان (1/ 420): ((تنبيهان:

الأول: آية صلاة الخوف هذه من أوضح الأدلة على وجوب الجماعة؛ لأن الأمر بها في هذا الوقت الحرج دليل واضح على أنها أمر لازم، إذ لو كانت غير لازمة لما أمر بها في وقت الخوف؛ لأنه عذر ظاهر.

الثاني: لا تختص صلاة الخوف بالنبي صلى الله عليه وسلم، بل مشروعيتها باقية إلى يوم القيامة، والاستدلال على خصوصها به صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ) الآية استدلال ساقط، وقد أجمع الصحابة وجميع المسلمين على رد مثله في قوله: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) الآية، واشتراط كونه صلى الله عليه وسلم فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده، والتقدير: بيِّن لهم بفعلك لكونه أوضح من القول كما قاله ابن العربي وغيره)).

ثم ذكر أن أربعة شذُّوا في ذلك وقالوا: إن صلاة الخوف لم تشرع بعده صلى الله عليه وسلم واحتجوا بمفهوم الشرط في قوله: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ) الآية، ثم قال: ((ورُدَّ عليهم بإجماع الصحابة عليها بعده صلى الله عليه وسلم، وبقوله صلى الله عليه وسلم: (صلّوا كما رأيتموني أصلي)، وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على ذلك المفهوم)).

وأحد هؤلاء الأربعة الذين شذوا في هذه المسألة إبراهيم بن إسماعيل بن علية، قال فيه الذهبي في الميزان (1/ 20): ((جهمي هالك، كان يناظر ويقول بخلق القرآن)).

ومن أمثلة فعل الصحابة رضي الله عنهم صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء في سنن أبي داود (1246) والنسائي (1530) ـ واللفظ له ـ بإسناد صحيح عن ثعلبة بن زهدم قال: ((كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان، فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فقام حذيفة فصف الناس خلفه صفين: صفاً خلفه، وصفاً موازي العدو، فصلى بالذين خلفه ركعة، ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا))، وهذه الصفة إحدى صفات صلاة الخوف الست التي جاءت في أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أوردتها في شرحي كتاب آداب المشي إلى الصلاة المطبوع ضمن مجموع كتبي ورسائلي (5/ 246).

(2): قول الله عز وجل: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)، ففي قوله: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاة) الأمر بإقام الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وفي قوله: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) الأمر بأدائها جماعة، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية من سورة البقرة: ((وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة))، وقال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنّة (7/ 273): ((وقيل: المراد به الصلاة في الجماعة؛ لأن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع)).

(3): قوله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده! لقد هممت أن آمر بحطب ليُحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذَّن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده! لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)) رواه البخاري (644) ومسلم (1481) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد أورده البخاري في (باب وجوب صلاة الجماعة)، وأورد في الباب أثراً معلقاً عن الحسن قال: ((إن منَعَتْه أمُّه عن العشاء في الجماعة شفقة عليه لم يُطعْها))، قال الحافظ ابن حجر في شرحه (2/ 125): ((ولم ينبه أحد من الشراح على وصل أثر الحسن، وقد وجدته بمعناه وأتم منه وأصرح في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير