تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحديث يدل على أن المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد من أسباب لُقيِّ الله مسلماً والخروج من الدنيا على نهاية حسنة كما قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، ويدل على أن في التخلف عن صلاة الجماعة في المساجد وأدائها في البيوت تركاً لسنّة النبي صلى الله عليه سلم وأن ذلك من الضلال، ويدل على بيان عظم الأجر والثواب للمصلين في المساجد، ويدل على أن من علامات النفاق عند الصحابة رضي الله عنهم التخلف عن صلاة الجماعة، ويدل على أن الصحابة رضي الله عنهم يحافظون على الصلوات في المساجد ولو كانوا في شدة المرض لما يعلمونه من عظيم الأجر والثواب في صلاة الجماعة مع أنهم معذورون لو تخلفوا عنها، وهذا بخلاف المنافقين الذين قال النبي صلى الله عليه سلم عن تخلفهم عن صلاتي العشاء والفجر: ((ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً)).

(9): قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: ((كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء الآخرة والصبح أسأنا به الظن)) رواه الحاكم في المستدرك (1/ 211) وقال: ((صحيح على شرطهما)) ووافقه الذهبي.

ومعنى قوله: ((أسأنا به الظن)) أي: اتهمناه بالنفاق، كما بيَّن ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله المتقدّم: ((ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) وقوله: ((ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف لتركتم سنّة نبيكم، ولو تركتم سنّة نبيكم لضللتم)).

فهذه جملة من الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، وأما قوله صلى الله عليه سلم: ((صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) رواه البخاري (645) ومسلم (1477) عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقوله صلى الله عليه سلم: ((صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءاً)) رواه البخاري (648) ومسلم (1472) عن أبي هريرة رضي الله عنه، فإنه يدل على أن من صلّى وحده صحّت صلاته وفاته أجر عظيم وسلم من أن يكون تاركاً للصلاة، ولكنه يكون آثماً لعدم أدائها جماعة؛ لدلالة النصوص المتقدّمة على ذلك.

ولا يسوغ لأحد من متبعي الشهوات التهوين من شأن صلاة الجماعة بدعوى أن في المسألة خلافاً؛ لأن الأدلة المذكورة واضحة الدلالة على وجوبها على الأعيان؛ وذلك للزومها على جميع أفراد الجيش حال الخوف، وهمِّ الرسول صلى الله عليه سلم بتحريق البيوت على أهلها المتخلفين عن الجماعة في الوقت الذي تؤدَّى فيه الجماعة في المسجد ولو أدَّوها جماعة في البيوت، ووصف المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنفاق والضلال، وعدم ترخيص النبي صلى الله عليه سلم للرجل الأعمى بالصلاة في بيته، وكون سامع النداء إذا لم يُجب لا صلاة له إلا من عذر، وكون علامة النفاق عند الصحابة رضي الله عنهم التخلف عن صلاة الجماعة.

ودلَّ قول الله: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، على أن المحافظة عليها لاسيما في الجماعة سبب للسلامة من الوقوع في الفحشاء والمنكر، وقد جاء في القرآن الكريم التلازم بين إضاعة الصلاة واتباع الشهوات، قال الله عز وجل: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ)، فلا يجوز لمسلم يرجو ثواب الله ويخشى عقابه أن يتهاون في الصلاة وأدائها جماعة أو يهوِّن من أمر صلاة الجماعة، كما فعل ذلك بعض الكُتَّاب في بعض الصحف.

وهاتان المسألتان اللتان مثلت بهما لانتقاء هواة الانفلات ما يوافق أهواءهم، وهما تهوين شأن السفور واختلاط النساء بالرجال، وتهوين شأن صلاة الجماعة كانت الكتابة عن هذا التهوين من التغريبيين ومن كان على شاكلتهم من الصحفيين، ثم حصل في أواخر العام الماضي (1430هـ) إقدام اثنين من المتكلفين ممن ينتسب إلى العلم الشرعي على الكتابة في الصحف في مسألة السفور والاختلاط رددت على الأول منهما بكلمة بعنوان: ((لماذا النشاط المحموم في تأييد اختلاط الجنسين في بلاد الحرمين؟!)) نشرت في 18/ 11/1430هـ، وعلى الثاني بكلمة بعنوان: ((أسوأ هذيان ظهر حتى الآن في فتنة اختلاط الجنسين في بلاد الحرمين)) نشرت في 10/ 1/1431هـ، وجاء بعدهما ثالث كتب في الموضوع في أول هذا العام رددت عليه بكلمة نشرت في 20/ 1/1431هـ بعنوان: ((وأخيراً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير