تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للحائض أن تشهد العيدين وتفرح مع أخواتها المسلمات وتنئهن بالعيد ويهنئنها، وتشهد الخير العظيم لإدخال الفرح والسرور على قلبها ولكنها تعتزل المصلى كما أوضح ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روته أم عطية رضي الله عنها، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيض، وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى)، فقالت حفصة (*): آلحيض؟ فقالت: أليس تشهد عرفة وكذا وكذا (325).

حكم الذكر والتسبيح والتحميد والتسمية على الأكل:

ما عليه جمهور العلماء من السلف والخلف أن الحائض ليس عليها وضوء ولا ذكر ولا تسبيح في أوقات الصلاة ولا في غيرها.

وقد قال بذلك الأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور (326).

وذكر الحسن البصري وأبو جعفر: أن الحائض لها أن تتوضأ في وقت الصلاة وتجلس وتذكر الله عز وجل وتسبح.

قال النووي: إن ما ذكره الحسن البصري وأبو جعفر هو محمول على الاستحباب عندهما، واستحباب التسبيح لا تؤمر به الحائض وإن كان لا أصل له على هذا الوجه المخصوص.

أما الوضوء فلا يصح لها بل تأثم به إن قصدت العبادة، وعلى كل فالحائض لا يحرم عليها شيء من الذكر والتسبيح وغيره، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجر عائشة وهي حائض ويقرأ القرآن (327).

تكريم الإسلام للمرأة من خلال منع مباشرتها وهي حائض أو نفساء:

لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما حين منع مباشرتها في الفرج حائضا أو نفساء، ولكن في الوقت ذاته لم يمنع معاملتها والقرب منها فلم يعتبرها نجسة كما هو المقرر عند الكثير من الأمم السابقة، حيث كانوا لا يؤاكلونها ولا يشاربونها بل ويعزلونها عزلا تاما عن المنزل فلا تلمس شيئا بيدها حتى لا تنجسه.

ففي سفر اللاويين من الإصحاح الخامس عشر من التوراة التي يتعبد بها اليهود والنصارى إلى اليوم:

(إذا كانت المرأة ولها وسيلها دما في لحمها فسبعة أيام تكون في طمثها، وكل من مسها يكون نجسا إلى المساء وإن اضطجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام وكل فرش يضطجع عليه يكون نجسا).

هذا هو كلام اليهود الذين يدعون تكريم المرأة، لكن رسول الرحمة رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يقبل نساءه في حيضهن ويتودد إليهن ويضطجع معهن في لحاف واحد فإن انسلت إحداهن دعاها إليه وقربها منه ولاطفها، وتودد إليها بل إنه ليقرأ القرآن وهو في حجر إحداهن وهي حائض، وترك لها شعر رأسه ترجله وهو معتكف في المسجد وهي في بيتها وهي حائضا، بل أكثر من ذلك يقول لها: (اتزري) ثم يباشرها من فوق الإزار فيما دون الفرج (328).

فبين التفريط والإفراط تضيع كرامة المرأة وصحتها، ويبقى الإسلام وحده على الجادة في وسط الطريق، لا يلغي الفطرة ولا الغرائز ولكن يهذبها ويرتفع بها ويوجهها وجهتها السليمة، يأمر باعتزال النساء حتى يطهرن وذلك في قوله تعالى: [فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله] (329).

ويقول تعالى في موضع آخر: [نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم] (330).

فالإسلام دين الفطرة لا يلغي الغرائز ولا يكبتها ولكن يوجهها إلى غايتها النبيلة ويرتفع بها إلى القمة السامقة دون إفراط أو تفريط، وبذلك يصون للمرأة كرامتها ويحفظ لها صحتها.

الأضرار المترتبة على مباشرة المرأة وهي حائض:

أولا: ما يتعلق بالإثم والكفارة:

إن الذي يطأ زوجته وهي حائض في الفرج وهو مستحل لهذا الفعل فقد كفر، وفي قول: لا يكفر (331).

فإن وطئها عالما عامدا مختارا؛ ففيه قولان:

1ـ قيل: يكون آثما مرتكبا لكبيرة، ولا كفارة عليه، وعليه الاستغفار والتوبة، وهذا قول الأحناف والمالكية والمذهب الجديد للشافعي ورواية عن الإمام أحمد، وحكاه الخطابي عن أكثر العلماء (332).

2ـ وقيل: يكون آثما وتجب عليه الكفارة.

واختلف في الكفارة على أقوال:

أ ـ أن عليه أن يتصدق بدينار أو نصف دينار على التخيير، وقيل: الدينار في إقبال الدم والنصف في إدباره، وهو قول الشافعي في القديم ورواية عن الإمام أحمد (333).

ب ـ عليه ما على عتق رقبة: حكاه ابن المنذر عن ابن عباس وقتادة والحسن والأوزاعي وأحمد في رواية وعن سعيد بن جبير (334).

جـ ـ عليه ما على المجامع في رمضان (335).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير