تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما إن كان جاهلا أو ناسيا أو مكرها فلا شيء عليه، وهذا قول للشافعي وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد.

ويترجح لي ــ والله أعلم ــ أنه لا تجب كفارة (*) على من وطئ امرأته وهي حائض ولكن تستحب في حقه ويجب التوبة والاستغفار.

وتحمل الأحاديث على الاستحباب في إخراج الكفارة، والذي يدل على ذلك التخيير بين الدينار ونصفه؛ إذ لا تخيير في جنس واحد بين الأقل والأكثر.

أما قياس الرقبة فلم يصح، وكذا القياس على الكفارة الظهار فإنه قياس مع نص وهو أيضا لا يصح.

وقد ذكر من قال بالكفارة ثلاثة شروط لتكون واجبة عليه وهي:

1ـ أن يكون عالما.

2ـ أن يكون ذاكرا.

3ـ أن يكون مختارا.

فإن كان جاهلا أو ناسيا أو حصل الحيض في أثناء الجماع فلا كفارة عليه وإن كان الإكراه لا يتصور في الجماع؛ لأن الجماع لا يحدث بدون انتشار والانتشار لا يكون إلا برغبة من المرء ذاته (336).

ثانيا: ما يتعلق بالنواحي الصحية للرجل والمرأة:

إن المباشرة في تلك العلاقة الزوجية وسيلة لتحقيق هدف أعمق في طبيعة الحياة هدف النسل وامتداد الحياة ووصلها كلها بعد ذلك بالله، والمباشرة في أثناء الحيض قد تحقق اللذة الحيوانية مع ما ينشأ عنها من أذى وأضرار صحية للرجل والمرأة، ولكنها لا تحقق الهدف الأسمى فضلا عن انصراف الفطرة السليمة النظيفة عنها في تلك الفترة؛ لأن الفطرة السليمة تنفر من المباشرة في حالة لا يمكن أن ينبت فيها غرس ولا يتحقق غرض شرعي مطلوب.

والمباشرة في الطهر تحقق اللذة الطبيعية وتحقق معها الغاية الفطرية، ومن ثم جاء ذلك النهي إجابة عن ذلك السؤال في قوله تعالى: [ويسألونك عن المحيض قل هو أذى] (337).

ومن الأضرار الصحية التي تلحق بالرجل والمرأة أثناء الجماع في هذه الحالة ما يلي:

الرحم يتقرح تماما كما يكون الجلد مسلوخا وهو معرض بسهولة لعدوان البكتريا الكاسح، ومن المعلوم طبيا أن الدم هو خير بيئة لتكاثر الميكروبات ونموها، وتقل مقاومة الرحم للميكروبات الغازية نتيجة لذلك ويصبح دخول الميكروبات الموجودة على سطح القضيب يشكل خطرا داهما على الرحم، ومقاومة المهبل لغزو البكتريا تكون في أدنى مستواها في أثناء الحيض؛ إذ يقل إفراز المهبل الحامض الذي يقتل الميكروبات، ويكون أقل حموضة إذا لم يكن قلوي التفاعل.

وتمتد الالتهابات إلى قناتي الرحم فتسدها أو تؤثر على شعيراتها الداخلية التي لها دور كبير في دفع البويضة من المبيض إلى الرحم، وذلك يؤدي إلى العقم أو الحمل خارج الرحم، وهو أخطر أنواع الحمل على الإطلاق؛ لأنه يكون في قناتي الرحم الضيقة ذاتها، وسرعان ما ينمو الجنين وينهش في جدار القناة الرقيق حتى تنفجر القناة الرحمية فتنفجر الدماء أنهارا إلى أقتاب البطن، وإن لم تتدارك الأم في الحال بإجراء عملية جراحية سريعة فإن حياتها تكون في خطر.

ثم يمتد الالتهاب إلى قناة مجرى البول فالمثانة فالحالبين فالكلى وأمراض الجهاز البولي خطيرة مزمنة.

ومن هذه الأضرار أيضا: أنه يصاحب الحيض آلام تختلف في شدتها من امرأة لأخرى، وأكثر النساء يصبن بآلام وأوجاع في أسفل الظهر وأسفل البطن، والجماع والحالة هذه لا يحقق الأغراض المرجوة منه.

ومنها: أنه تصاب كثير من النساء بحالة من الكآبة والضيق أثناء الحيض؛ ولهذا نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن تطليق المرأة في أثناء الحيض خاصة أنها في هذه الحالة تكون متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، وحالتها العقلية والفكرية في أدنى مستواها.

ومنها: أنه تصاب بعض النساء بالصداع النصفي (الشقيقة) قرب بداية الحيض وتكون الآلام مبرحة وتصحبها زغللة في الرؤية وقيء.

ومنها: أنه تقل الرغبة الجنسية لدى المرأة خاصة عند بداية الطمث، بل إن كثيرا من النساء يكن عازفات عن الاتصال الجنسي أثناء الحيض ويملن إلى العزلة والسكينة، وهو أمر فسيولوجي طبيعي؛ لأن فترة الحيض هي فترة نزيف دموي من قعر الرحم، وتكون الأجهزة التناسلية بأكملها في حالة شبه مرضية، فالجماع في هذه الآونة يؤدي إلى كثير من الأذى.

ومنها: أنه تنخفض درجة الحرارة في جسم المرأة ويقل مستوى العمليات الحيوية التي تسمى الاستقلاب مما ينتج عنه قلة إنتاج الطاقة من الجسم كما تقل عملية التمثيل الغذائي داخل الجسم (338).

ومنها: أنه تزداد شراسة الميكروبات في دم الحيض وخاصة ميكروب السيلان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير