["واجعله الوارث منا"]
ـ[احمد ابو انس]ــــــــ[11 - 05 - 10, 08:18 م]ـ
عن ابن عمر رضى الله عنها: قال "قلما كان رسول الله صلى الله علية وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لاصحابه" اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتبلغنا به جنتك ومن اليقين ماتهون به علينا مصائب الدنيا اللهم متعنا باسماعنا وابصارنا وقوتنا مااحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثارنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادنا ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لايرحمنا".اخرجة الترميذي وقال حديث حسن،وغيره.
اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا، ما أبقيتنا، أو أحييتنا واجعله الوارث منا} ما معنى قوله: واجعله الوارث منا؟ نحن نرددها في كل قنوت، قد لا يكون أحد تفطن إلى معناها.
معنى قولك: واجعله الوارث منا، أي: يا رب إذا ضعفت قواي، وتناقصت من المرض، ومن الكبر والعجز أو غير ذلك؛ فاجعل سمعي وبصري وقوتي في جسمي، هي آخر ما يفقد مني، ومتعني بها إلى أن أموت، فأنزلها منزلة الوارث، وذلك لأن الوارث هو: من يبقى بعد موت مورثه.
فكذلك جعل هذه القوة التي هي السمع والبصر، بمنزلة الوارث. وقوى الإنسان كلها تضعف، ويبقى السمع والبصر محفوظاً كأنه يرث الإنسان أي: يبقى معه إلى آخر عمره، فقوله: {واجعله الوارث منا} أي: اجعلها بمنزلة الوارث الذي يبقى بعد زوال غيره.
وقال بعضهم: إن قولك: "واجعله الوارث منا" أي: اجعلها في أعقابنا وذرياتنا من بعدنا، والمعنى الأول هو الأولى والأحسن والأظهر والله أعلم
الشيخ سلمان سلمان
بسم الله
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
كنت قد سالت الاستاذ فالح الصغير الدكتور بجامعة الامام بالرياض سؤالا عن معنى دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: " واجعله الوارث منا "
فاجاب جزاه الله خيرا بما يلي:
الأخ المكرم/ وفقه الله
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
معنى الدعاء (واجعله الوارث منا) كما ذكره المباركفوري في التحفة:
قَوْلُهُ: (وَمَتِّعْنَا) مِنْ التَّمْتِيعِ أَيْ اِجْعَلْنَا مُتَمَتِّعِينَ وَمُنْتَفِعِينَ (بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا) أَيْ بِأَنْ نَسْتَعْمِلَهَا فِي طَاعَتِك. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ التَّمَتُّعُ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ إِبْقَاؤُهُمَا صَحِيحَيْنِ إِلَىالْمَوْتِ (مَا أَحْيَيْتنَا) أَيْ مُدَّةَ حَيَاتِنَا.
وَإِنَّمَا خَصَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ بِالتَّمْتِيعِ مِنْ الْحَوَاسِّ لِأَنَّ الدَّلَائِلَ الْمُوَصِّلَةَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ إِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ طَرِيقِهِمَا. لِأَنَّ الْبَرَاهِينَ إِنَّمَا تَكُونُ مَأْخُوذَةً مِنْ الْآيَاتِ وَذَلِكَ بِطَرِيقِ السَّمْعِ أَوْ مِنْ الْآيَاتِ الْمَنْصُوبَةِ فِي الْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ فَذَلِكَ بِطَرِيقِ الْبَصَرِ , فَسَأَلَ التَّمْتِيعَ بِهِمَا حَذَرًا مِنْ الِانْخِرَاطِ فِي سِلْكِ الَّذِينَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةً ,
وَلَمَّا حَصَلَتْ الْمَعْرِفَةُ بِالْأَوَّلَيْنِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْعِبَادَةُ فَسَأَلَ الْقُوَّةَ لِيَتَمَكَّنَ بِهَا مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ قَالَهُ الطِّيبِيُّ. وَالْمُرَادُ بِالْقُوَّةِ قُوَّةُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالْحَوَاسِّ أَوْ جَمِيعِهَا فَيَكُونُ تَعْمِيمًا بَعْدَ تَخْصِيصٍ (وَاجْعَلْهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْقُوَّةِ (الْوَارِثَ) أَيْ الْبَاقِيَ (مِنَّا) أَيْ بِأَنْ يَبْقَى إِلَى الْمَوْتِ.
قَالَ فِي اللُّمَعَاتِ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ اِجْعَلْهُ لِلْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ الْجَعْلُ أَيْ اِجْعَلْ الْجَعْلَ وَعَلَى هَذَا الْوَارِثُ مَفْعُولٌ أَوَّلُ وَمِنَّا مَفْعُولٌ ثَانٍ أَيْ اِجْعَلْ الْوَارِثَ مِنْ نَسْلِنَا لَا كَلَالَةً خَارِجَةً مِنَّا وَالْكَلَالَةُ قَرَابَةٌ لَيْسَتْ مِنْ جِهَةِ الْوِلَادَةِ , وَهَذَا الْوَجْهُ قَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ النُّحَاةِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَفْعُولَ الْمُطْلَقَ قَدْ يُضْمَرُ وَلَكِنْ لَا يَتَبَادَرُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ اللَّفْظِ وَلَا يَنْسَاقُ الذِّهْنُ إِلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى ,
وَالثَّانِي أَنَّ الضَّمِيرَ لِلتَّمَتُّعِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ مَتِّعْنَا وَالْمَعْنَى اِجْعَلْ تَمَتُّعَنَا بِهَا بَاقِيًا مَأْثُورًا فِيمَنْ بَعْدَنَا لِأَنَّ وَارِثَ الْمَرْءِ لَا يَكُونُ إِلَّا الَّذِي يَبْقَى بَعْدَهُ فَالْمَفْعُولُ الثَّانِي الْوَارِثُ وَهُوَ الْمَعْنَى يُشْبِهُ سُؤَالَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عَلَى نَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِيالْآخِرِينَ) وَقِيلَ مَعْنَى وِرَاثَتِهِ دَوَامُهُ إِلَى يَوْمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ الْوَارِثَ إِنَّمَا يَكُونُ بَاقِيًا فِي الدُّنْيَا وَالثَّالِثُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ وَالْقُوَى بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ , وَمِثْلُ هَذَا شَائِعٌ فِي الْعِبَارَاتِ لَا كَثِيرَ تَكَلُّفٍ فِيهَا وَإِنَّمَا التَّكَلُّفُ فِيمَا قِيلَ إِنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى أَحَدِ الْمَذْكُورَاتِ , وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَلَى وُجُودِ الْحُكْمِ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ تَقَارَبَا فِي مَعْنَيَيْهِمَا فَإِنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا دَلَالَةٌ عَلَى الْآخَرِ , وَالْمَعْنَى بِوِرَاثَتِهَا لُزُومُهَا إِلَى مَوْتِهِ لِأَنَّ الْوَارِثَ مَنْ يَلْزَمُ إِلَى مَوْتِهِ اِنْتَهَى.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، وأن يجعل أعمالنا خالصة لله تعالى، وأن يفقهنا في الدين، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
¥