تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هامش الحريات في زمن المدينة المزعوم]

ـ[محمد جلال القصاص]ــــــــ[12 - 05 - 10, 10:20 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

هامش الحريات في زمن المدينة

يتحدث قومٌ بأن المنافقين كانوا في المجتمع المسلم يكذبون على الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم، ويتطاولون على شخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وصحابته ـ رضوان الله عليهم ـ، ويظهرون لهم البغضاء، ويحرضون الكفار على حرب المسلمين، ويرجفون بين المسلمين. ويحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، يقولون قد كانوا حرباً على مجتمعهم، ومع ذلك أوصت الشريعة بتركهم والإعراض عنهم، ولم تقم لهم بعقوبة أي عقوبة. بل لم تحاول إسكاتهم قسراً، ولو شاءت فعلت.

يجاهر هؤلاء بأن علينا أن نترك من يتطاولون على الدين والمتدينين تأسياً بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.فقد ترك المنافقين يتمتعون بكامل الحرية في المدينة المنورة.

هذا الكلام باطل .. كله باطل.

الشريعة أمرت بجهاد المنافقين، قال تعالى في موضوعين: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} التوبة73، فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأربعة أسياف، سيف للكافرين وسيف للمنافقين وسيف لأهل الكتاب وسيف للبغاة كما جاء عن علي رضي الله عنه [انظر معارج القبول 2/ 1087، وعند ابن كثير في تفسير الآية 6 من سورة التوبة، وغيرهما]

ولم يكن الواقع في المدينة المنورة أن المنافقين يقيمون مؤسسات وأندية يتطاولون فيها على الدين وسيد المرسلين وعامة المتدينين، ولم يكن لهم كيان مستقل أو شعارات يجتمعون تحتها كما الحال اليوم نجد أحزاب ونجد توجهات، ونجد فعاليات للأولي كرهوا ما أنزل الله.

الصورة على العكس تماماً مما يروج هؤلاء.

فضح المنافقين هو الثابت في الشريعة.

كان الوحي لهم بالمرصاد يفضحهم في كل نازلة. يحكي مواقفهم، ويحكي أحاديثهم الخاصة، بل وما تكن صدورهم. وهذا كله مثبت في كتاب الله، وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ،وهذه نماذج:

أولُ ظهورٍ للنفاق كان يوم بني قينقاع، حين أمسك عبد الله ابن أبي بجيب درع النبي صلى الله عليه وسلم، يشفع فيهم بوقاحة، فنزل القرآن {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} المائدة52

يصفه ـ وهو كبير قومه يومها وسيد من سادات يثرب ـ بأنه في قلبه مرض ن ويسفه رأيه ويوصي الناس بأن لا تتبعه، ويثني على من خالفه.

ثم جاء يوم أحد ورجعوا من الطريق ونزل القرآن يصفهم بالنفاق، مَن رجع منهم ومَن دخل المعركة، لم يستثن منهم أحد، مع أن كثيراً من هؤلاء لم يكن يعلم منهم النفاق قبل ذلك كما يقول شيخ الإسلام بن تميمية في الفتاوى: {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} آل عمران167 {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} آل عمران168 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} آل عمران156.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير