تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اتْرُكْ الحَاسِدَ يَأكُلُ بَعْضَهُ بَعْضَا!

ـ[إبراهيم الفوكي السلفي]ــــــــ[14 - 05 - 10, 12:06 م]ـ

اترك الحاسد يأكل بعضه بعضا

بسم الله الرحمن الرحيم

قال العلامة الإمام شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية – رحمه الله -:

( ... السبب الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به والتفكير فيه [أي في الحاسد]، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه، وهذا من أنفع الأدوية، وأقوى الاسباب المعينة على اندفاع شره.

فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه، فإذا لم يتعرض له ولا تماسك هو و إياه، بل انعزل عنه لم يقدر عليه، فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه، حصل الشّر و هكذا الأرواح سواء، فإذا علق روحه، و شبثها به، وروح الحاسد الباغي متعلقة به يقظة ومناما، لا يفتر عنه، وهو يتمنى أن يتماسك الروحان ويتشبثا.

فإذا تعلقت كل روح منهما بالأخرى عُدم القرار، ودام الشر، حتى يهلك أحدهما، فإذا جَبَذَ روحه منه، وصانها عن الفكر فيه والتعلق به، وأن لا يخطره بباله، فإذا خطر بباله بادر إلى محو ذلك الخاطر، والاشتغال بما هو انفع له وأولى به، بقي الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضا، فإن الحسد كالنار، إذا لم تجد ما تأكله أكل بعضه بعضا.

و هذا باب عظيم النفع لا يلقّاه إلا أصحاب النفوس الشّريفة والهمم العالية، وبين الكيس والفطن و بينه حتى يذوق حلاوته وطيبه ونعيمه كأنه يرى من أعظم عذاب القلب والروح اشتغاله بعدوه، وتعلق روحه به، ولا يرى شيئا آلم لروحه من ذلك، و لا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة، التي رضيت بوكالة الله لها، وعلمت أن نصره لها خير من انتصارها لنفسها، فوثقت به وسكنت إليه، واطمأنت به، وعلمت أن ضمانه حق، ووعده صدق، و إنه لا أوفى بعده من الله، ولا أصدق منه قيلا، فعلمت أن نصره لها أقوى وأثبت و أدوم، وأعظم فائدة من نصرها هي لنفسها، أو نصر مخلوق مثلها لها، ولا يقوى على هذا إلا بالسبب السادس: وهو الإقبال على الله والإخلاص له ... )

***********************

[التفسير القيم 588]

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير