[وصايا للشباب لفضيلة الشيخ: عبدالكريم الخضير]
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[16 - 05 - 10, 01:31 ص]ـ
[وصايا للشباب لفضيلة الشيخ: عبدالكريم الخضير]
محمد الطايع ( http://www.alukah.net/Authors/View/Sharia/2026/)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمد، وعلى آلِه وصحْبه أجمعين.
أما بعدُ:
فدون مقدمات نقول:
خيرُ ما يُوجَّه إليه الشباب في ظروفنا التي نعيشها وما قبل ذلك وما بعده: أمرَانِ فقط؛ لكنهما أمران يحويان الدنيا والآخرة، هما: العلْم والعمَل.
فإذا كانت الظروف قبْل سنين لا تسمح لكثيرٍ من الناس بالتفرُّغ لهذين الأمرين؛ انشغالاً بأسباب المعيشة، فإن الناس قد كُفوا - أو جُل النَّاس قد كُفوا - في هذه الأيام - ولله الحمد والمنة - ولا يدرك ما أقول إلا مَن كان عمره تجاوَز الستين.
فقد مرَّت البلاد - وغيرها من البلدان - بفقْرٍ شديد، وانشغل الناس بتحصيل أسباب لقمة العيش، أما الآن وقد وسَّع الله على المسلمين وفُتحتْ لهم الدنيا، فإن عليهم أن يتَّجهوا إلى ما خُلقوا من أجله، وهو تحقيق العبوديَّة لله - جلَّ وعلا - وأن يمتثلوا أمر الله - جل وعلا - بقوله: ? قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ? [التحريم: 6] [1].
فعلى المسلم أن ينتبه لهذا الأمر، وأنه إنما خُلق لتحقيق العبوديَّة لله - جل وعلا -: ? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ? [الذاريات: 56] [2].
وعَودًا إلى ما بدأنا به، وهو التوجيه إلى العلم والعمل؛ إذ إنَّ العمل وحده دون علمٍ قد يكون ضررًا ونقصًا على صاحبه، فقد يَعبُد اللهَ - جلَّ وعلا - على غير ما شرعه في كتابه، أو في سنة نبيِّه - عليه الصلاة والسلام - فيعبد الله على جهل، ويُفسد أكثرَ مما يصلح، والعلم أيضًا من دون عمل كالشجر بلا ثمر، فلا بُدَّ مِن اقْتران العلْم بالعمَل، واقتضاء العِلْم للعمَل [3].
وكثير مِن طلاَّب العلم - ممن ينتسب إلى هذه الثُّلَّة [4] التي فرَّغت نفسها لطلب العلم - لا شكَّ أنهم يسلكون السبيل والطريق الذي تكفَّل الله - جلَّ وعلا - على لسان نبيِّه أن مَن سلكه سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة [5].
لكن بعض الناس يسلك سبيلاً طويلاً بعيدًا شاقًّا، وبعض الناس ييسَّر له السبيل، ويسهل عليه ويطلب العلم من أقرب وسائله وطرُقه، ويختصر الوقت اختصارًا بَيِّنًا، ويكون ذلك إذا هيأ الله - جل وعلا - من يأخذ بيده من أول الطريق.
ونلاحِظ على كثير من طلاب العلم ممن يتخرَّج في الكليات الشرعية - بعد أن أمضى ستة عشر عامًا في الطلب - أنه لا يمكن أن يُسمَّى ولا طُويلِب [6] علم؛ بل هو إلى العامية أقرب؛ لأنه يعيش في مهامه [7] وفي صحارٍ وطرق متشعبة.
فطالبُ العلم يحتاج إلى مَن يأخذ بيدِه مِنْ أول الطريق، فإذا حث القرآن والسُّنة على العلم، ورفع منزلة العلماء [8]، فلننظر إلى أقرب طريقٍ وأخصره لتحصيل هذا المطلوب العظيم الذي جاء الحثُّ عليه في الكتاب والسنة، وإذا كان الصِّراط المستقيم الموصل إلى الجنَّة فيما يعرفه الناس في حياتهم العادية - الطريق المستقيم، والخط المستقيم، والصراط المستقيم - يقولون: إنه أقرب طريق يوصل بين نقطتَيْن، وأنت الآن في مكانك هذا تبحث إلى أقرب طريق يوصلك إلى الغاية، وهي الجنة، فكيف نسلك هذا الطريق المختصر القريب؟
العلم الذي جاء الحث عليه في النصوص، إنما هو علم الكتاب والسنة: قال الله، وقال رسوله، علم الصحابة، علم السلف [9]، وأما التشعبات التي جاءت من بعدُ إذا كانت لا تخدم نصوص الوحيين، وتعيننا على فهم الكتاب والسنة، وتعيننا على كيفية الإفادة من نصوص الكتاب والسنة، فإنها لا شك من الصوادِّ عن هذا الصراط وعن هذا الطريق.
¥