تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وسئل الشعبي عن مسألة فقال: "هي زباء هلباء وبر لا أحسنها، ولو ألقيت على بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعضلت به، وإنما نحن في الغوق ولسنا في النوق"، فقال له أصحابه: لقد استحيينا منك مما رأينا منك، فقال: لكن الملائكة المقربين لم تستح حين قالت: "لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا"10.

وقال مجاهد: "سئل ابن عمر عن فريضة من الصلب، فقال: لا أدري؛ فقيل له: فما منعك أن تجيبه؟ فقال: سئل ابن عمر عما لا يدري، فقال: لا أدري".

وعن أيوب قال: تكاثروا على القاسم بن محمد يوماً بمنى، فجعلوا يسألونه، فيقول: لا أدري، ثم قال: "إنا والله لا نعلم كل ما تسألون عنه، ولو علمنا ما كتمناكم، ولا حلَّ لنا أن نكتمكم".

سئل سعيد بن جبير عن شيء فقال: لا أعلم، ثم قال: "ويل للذي يقول لما لا يعلم: إني عالم".

وذكر الشعبي عن علي رضي الله أنه خرج عليهم وهو يقول: "ما أبردها على الكبد، ما أبردها على الكبد"، فقيل له: وما ذاك؟ قال: "أن تقول للشيء لا تعلمه: الله أعلم".

وقال القاسم بن محمد: "يا أهل العراق، إنا والله لا نعلم كثيراً مما تسألونا عنه، ولئن يعيش المرء جاهلاً إلا أنه يعلم ما افترض الله عليه خير له من أن يقول على الله ورسوله ما لا يعلم".

وقال ابن وهب: وسمعت مالكاً يحدث عن عبد الله بن يزيد بن هرمز قال: "إني لأحب أن يكون من بقايا العالم بعده لا أدري، ليأخذ به من بعده".

وقال ابن وهب: سمعت مالكاً يقول: "سأل عبد الله بن نافع أيوبَ السختياني عن شيء فلم يجبه، فقال له: لا أراك فهمت ما سألتك عنه؟ قال: بلى، قال: فلمَ لا تجيبني؟ قال: لا أعلمه".

وقال عبد الرحمن بن مهدي: "كنا عند مالك بن أنس، فجاءه رجل، فقال: يا أبا عبد الله! جئتك من مسيرة ستة أشهر، حملني أهل بلدي مسألة أسألك عنها، قال: فسل، فسأل الرجل عن مسألة، قال: لا أحسنها، قال: فبهت الرجل، كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء، قال: فقال: فأي شيء أقول لأهل بلدي إذا رجعتُ إليهم؟ قال: تقول لهم: قال مالك: لا أحسن".

وقال ابن وهب في "كتاب المجالس": سمعت مالكاً يقول: "ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري، فإنه عسى أن يهيأ له خير".8

وقال ابن وهب: "وكنت أسمعه كثيراً يقول: لا أدري"؛ وقال: "لو كتبنا عن مالك لا أدري، لملأنا الألواح".

وقال عقبة بن مسلم: "صحبتُ ابن عمر أربعة وثلاثين شهراً، فكثيراً ما يسأل فيقول: لا أدري، ثم يلتفت إليَّ فيقول: تدري ما يريد هؤلاء؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسراً لهم إلى جهنم".

وقال ابن عيينة: "أجسر الناس على الفتيا أقلهم علماً".

وقال أبو داود: "قول الرجل فيما لا يعلم: لا أعلم، نصف العلم".

وكان مالك رحمه الله يقول: "من أجاب في مسألة، فينبغي من قبل أن يجيب فيها أن يعرض نفسه على الجنة أوالنار، وكيف يكون خلاصه في الآخرة".

وسئل مالك عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة، فغضب، وقال: ليس في العلم شيء خفيف، ألم تسمع قوله جل ثناؤه: "إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا".

فالعلم كله ثقيل، وخاصة ما يُسأل عنه يوم القيامة.

وقال مالك: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تصعب عليهم المسائل ولا يجيب أحدهم في مسألة حتى يأخذ رأي صاحبه، مع ما رزقوا من السداد والتوفيق مع الطهارة، فكيف بنا نحن الذين غطت الخطايا والذنوب قلوبنا؟! "، بل كيف بنا نحن؟!

وسئل الشافعي رحمه الله عن مسألة فسكت، فقيل له: ألا تجيب يرحمك الله؟ فقال: "حتى أدري الفضل في سكوتي أوفي الجواب".

وكان سعيد بن المسيب رحمه الله لا يكاد يفتي فتيا، ولا يقول شيئاً إلا قال: "اللهم سلمني وسلم مني".

وقال سُحنون: "أشقى الناس من باع آخرته بدنياه، وأشقى منه من باع آخرته بدنيا غيره، فقال: تفكرت فيه وجدته المفتي يأتيه الرجل قد حنث في امرأته ورقيقته فيقول له: لا شيء عليك، فيذهب الرجل فيستمتع بامرأته ورقيقته وقد باع المفتي دينه بدنيا هذا".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير